بودكاست عفة | الداء والدواء الجواب الشافي عن سؤال الإباحية

 

تفريغ البودكاست:   غير مراجع 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها المتابعون الكرام والمشاهدون في كل مكان، حياكم الله وبياكم في بودكاست جديد من بودكاست "عِفَّة". هذا البودكاست سيكون بعنوان: "الداء والدواء - الجواب الشافي عن سؤال الإباحية". سيكون -بإذن الله- ضيفي في هذا البودكاست الدكتور طارق عنقاوي، أستاذ قسم الشريعة بجامعة أم القرى. حياكم الله دكتور وبياكم في هذا اللقاء.

أهلًا وسهلاً، مرحبًا بك وبسادة المتابعين.

حياكم الله دكتور. في البداية، نحن نعرف أن كتاب "الداء والدواء" لابن القيم -رحمه الله- من الكتب التي انتشرت وحققت يعني صيتًا عاليًا جدًا، خاصة فيما يتعلق بقضية القلب والذنوب وآثارها ونحو ذلك. أ حقيقة، هذا الكتاب لأهميته، نحن فضلنا أن نتكلم عنه اليوم في هذا البودكاست بحيث إننا نفصل في المضامين التي يتحدث عنها ابن القيم -رحمه الله- في هذا الكتاب.

طبعًا المعروف إنه هذا الكتاب في الأصل هو عبارة عن سؤال ورد إلى ابن القيم -رحمه الله-، وبدأ ابن القيم يجيب عن هذا السؤال حتى خرج بهذا الكتاب. طبعًا أنا أقرأ نص السؤال حتى يعني يكون عند السادة المستمعين يعني تصور عن فكرة السؤال ومضمونه؛ لأنه هذا حيعطي تصور أكبر لموضوع الإجابة، ولو إنه قد يكون الكتاب منتشر والسؤال قد يكون معروف.

طبعًا نص السؤال: "مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ- فِي رَجُلٍ ابْتُلِيَ بِبَلِيَّةٍ وَعَلِمَ أَنَّهَا إِنْ اسْتَمَرَّتْ بِهِ أَفْسَدَتْ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ، وَقَدْ اجْتَهَدَ فِي دَفْعِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَمَا تَزْدَادُ إِلَّا تَوَقُّدًا وَشِدَّةً؟ فَمَا الْحِيلَةُ فِي دَفْعِهَا، وَمَا الطَّرِيقُ إِلَى كَشْفِهَا؟".

وطبعًا هو بدأ يجيب عن هذا السؤال من خلال هذا الكتاب.

بداية دكتور، لو أخذنا التصور العام للكتاب والمضامين اللي يتكلم عنها ابن القيم -رحمه الله-.

جميل، بارك الله فيك. في يعني نعطي نظرة عامة على الكتاب. كما تفضلت هو سؤال، والكتاب جاء جوابًا على هذا السؤال. المؤلف سلك في الجواب مسلك التفصيل، أو أو نستطيع نقول: الجود بالعلم. يعني لم يجب فقط على قدر السؤال بشكل مقتضب، لا، أَفَاضَ في في الجواب وأفاد السائل، وسبحان الله أفاد الأمة من بعد ذلك. ففصل في ناحية الأسباب والعواقب والعلاج، وتناول محاور كثيرة متنوعة، وإن كان بينها وبين السؤال ارتباط قد يبدو في بعض المواضع إنها استطراد، لكن لما تتأمل فيها تجد إن لها صلة بأصل السؤال.

فالمحاور أول ما بدأ، أحب أن يؤكد ويطمئن السائل إن نعم، هذا الداء له دواء. فذكر حديث: "مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً". معنى الحديث وطبعًا جاء في أكثر من رواية، ذكر هذه الروايات. وبعد ذلك بدأ في ذكر ما يكون علاجًا لهذه المشكلة.

ابتدأ رحمه الله بالدعاء، وما وبعض متعلقات الدعاء مثل آداب الدعاء وأسباب الإجابة والموانع ونحو ذلك. قَبْلَهَا عَفْوًا، تكلم عن الشفاء بالقرآن، ثم الدعاء. ثم استطرد في الحديث عن مسألة الأسباب؛ لأن بعض الناس قد يستشكل حول الدعاء وعلاقته بالأسباب.

وهنا ذكر قضية: الاغترار بالذنب عفواً، الاغترار ب.. الاغترار بحسن الظن، أو الاغترار بالرجاء. لأنه كانه يريد أن يمهد أي للسائل؛ لأنه سيتحدث بعد ذلك عن خطر الذنوب وآثارها ومضارها، فكانه يريد يقول للسائل: اسمع لي، وأعطِ الأمر أهيمته، وأنزله منزلته، وأعطه قدره، ولا تظن أن هذا الأمر الخطير المخيف من الأضرار التي تكون في الذنوب، لا تظن أنها مسألة يمكن وضعها على جانب بحجة حسن الظن أو بحجة الرجاء. وطبعًا قدم معالجات جميلة في هذا الموضوع.

ثم بعد ذلك دخل في مسألة مضار الذنوب. وحقيقة الكتاب يعني كان واسعًا جدًا في هذه المسألة، أ فأفاض فيها جدًا من ناحية عدد الآثار والأخطار، ومن ناحية ما ذكر داخلها. يعني كان يذكر أحيانًا أدلة من القرآن ومن السنة، أو قد لا يذكر ذلك باعتبار إن هذا الخطر أو تلك المضرة يعني تُفهم من قواعد عامة في الشريعة.

ثم بعد ذلك تحدث عن العقوبات الشرعية والعقوبات القدَرية. العقوبات القدَرية فيها شيء من التداخل مع الحديث عن مضرة الذنوب. ووجه توجيه واضح وصريح للسائل: إنك تحضر قلبك هذه الأمور، يعني تحدث لك نوع من الردع حتى لا... حتى نفسك ما تسقط في وَحْل الذنب.

ثم بعد ذلك ذكر أقسامًا للذنوب، أنواعًا للذنوب. وبعض الأنواع المعينة لها صلة كبيرة جدًا بالسؤال، بحيث إنه وقف فيها وبين طرق الوقاية منها وكذا. ثم دخل في مسألة علاج العشق، ونص في في يعني في في الكتاب أو له بعض النصوص في الكتاب تفيد إنه فهم هذا من السؤال إنه المشكلة هي مشكلة داء العشق كما سماه. فتحدث في ضمن ذلك عن أمور مهمة جدًا مثل: غض البصر، وفوائد غض البصر، اشتغال القلب أو شغل القلب عن عن هذا الداء بالحب وبالخوف: حب الله عز وجل، والخوف المقلق أو المزعج كما سماه. وهذا يعني مرتبط بنوعًا ما بما ذكر قبل ذلك اللي هو مسألة الذنوب ومضرتها وأخطارها.

ثم ختم الكتاب بالحديث عن مفاسد العشق، أو بعض مفاسد العشق التي ذكرها.

فجاءت المعالجة -كما يلاحظ من المحاور وكما سيبرز أكثر أثناء عرض الكتاب- جاءت شاملة مستوعبة مستفيضة.

جميل دكتور، أحسن الله إليكم. طيب، طيب. إذا كانت هذه المعالجة بهذه الطريقة فيما يتعلق بموضوع الذنوب ونحو ذلك، نحن نعرف إنه انتشار الإباحية بشكل كبير جدًا الآن في العالم، وأصبحت هي مؤرقة لجزء كبير جدًا من الشباب في هذا المجال تحديدًا. ونعرف إنه يعني مضمون الإباحية في الشريعة عندنا هو يعتبر ذنب يعني من الذنوب التي تؤثر على الإنسان، سواء في مسألة النظر أو في مسألة أثرها على القلب من جهة إنها ذنب عظيم وكذا، إذا استمر عليه الإنسان ونحو ذلك ولم تتحقق موضوع والتوبة.

الآن من خلال المعالجة التي قدمها ابن القيم في هذا الكتاب، هل هناك تقاطعات ما بين موضوع مثلاً الإباحية وطرق التعافي منها وعلاجها ونحو ذلك، من خلال ما طرحه ابن القيم خاصة للمسلم في هذا العصر؟

نعم، هو أصلاً لما تقرأ الكتاب تجد صعوبة في القطع بما هو.. ما هو الداء الذي كان يسأل عنه السائل. من أسباب الصعوبة: نفس السؤال طبعًا ليس قاطعًا في تحديد الداء الذي أصيب به، وكذلك معالجة ابن القيم لما بدأ وتكلم مثلاً عن دعاء وشفاء بالقرآن، الذنوب ومضارها وكذا يعني كلامه ممكن يشمل أشياء كثيرة.

ثم حتى لما بدأ يركز على مسألة العشق في في آخر الجواب، فهو تناول العشق باعتباره أو ما سماه "عشق الصور"، وباعتباره داءً يحتاج إلى معالجة قلبية لصرفه وللسلامة من شره. فهنا تلاحظ كثير وأنت تقرأ إنك تستطيع تقول: إنه يقدم نفس المعالجات اللي ممكن تقدم لمسألة إدمان الإباحية أو التعلق بالصور والمقاطع الإباحية. فنعم، التقاطع كبير جدًا في في نظري بين الاثنين، وخاصة إن الإباحية قد تكون وسيلة للوقوع في مسألة الزنا أو حتى مسألة العشق المحرم ونحو ذلك.

جميل. يعني هذا حتى يظهر من خلال السؤال: إنه هو يتوب من الذنب فيرجع، يتوب فيرجع.

هذه النقطة صحيح. هذه النقطة يعني تشبه.. تشبه ما ما يمكن أن يوصف به إدمان الإباحية: إنه في عملية توبة وبعدين رجوع وبعدين... وكذلك يقول: "يَزْدَادُ إِلَّا تَوَقُّدًا" يعني فهي بلية يحتار كيف يخلص منها. يعني ولذلك المؤلف أطال يعني في في معالجتها.

في.. في تقصدون يعني معالجة قضية العشق مثلاً؟

لا، في.. لا، في معالجة المسألة إن الإنسان يصاب بشيء يتعب في التخلص منه.

آه.

فلذلك نوع في في في أساليب المعالجة وأفاض فيها، ويجعل السائل -من خلال هذه الاستفاضة- يجعله يعايش أشياء كثيرة يذكرها في الكتاب، هذه المعايشة معايشة قلبية تساعد الإنسان على إنه يصلح قلبه، ويصبح عنده أدوات يستعملها في هذه المعركة.

وحتى يعني هذا يعني يذكرني بنقطة وأنا كنت أعد.. كنت أفكر فيها: إنه هذا الحديث إن شاء الله في هذا اللقاء عن هذا الموضوع، ليس المقصود منه إنه يكتفى به؛ لأنه في النهاية بما إن المسألة تحتاج معايشة، فالأجدر بالمشاهد إنه يرجع للكتاب نفسه. لكن نحس نحاول إننا نعطي مفاتيح، ونعرض الخارطة العامة؛ بحيث نسهل بعد ذلك، ونرغب ونشوق ونسهل أيضًا إن شاء الله قراءة الكتاب.

فاهم ما قاصدك يعني. طيب الآن، احنا تكلمنا عن الخارطة العامة للكتاب، ومنه ما يتعلق ب يعني الشفاء بالقرآن وكذلك قضية الدعاء ونحو ذلك. خلينا في المسألة الأولى: موضوع الشفاء بالقرآن.

نعم.

هل هو متحقق واقعيًا في يعني كون الإنسان المسلم المعاصر يستخدم الشفاء بالقرآن مثل موضوع الذنوب كالإباحية تحديدًا؟ هل من الممكن ذلك؟ وكيف عالج ابن القيم هذه النقطة تحديدًا؟

نعم، نعم. أرى إنه ممكن جدًا؛ لأنه أي أمراض القلوب، والقرآن شفاء لما في الصدور -كما يعني نصت الآيات-. فأمراض القلوب متنوعة، ليست فقط الكبر والحسد والنفاق ونحو ذلك، بل حتى الشهوة هي يعني تعتبر أحد أمراض القلوب. ف ولذلك بعض المفسر.. بعض المفسرين يقول في في قوله تعالى آية... في قوله تعالى: "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" فيذكر بعضهم إن المرض هنا المقصود به مرض الشهوة يعني. فإذا المعالجة الموضوع من من هذه الناحية إن القرآن شفاء لما في الصدور، فطبيعة الأمر إنه يشمل ذلك.

كذلك القرآن أصلاً يرفع مستوى الإيمان عند الإنسان، يعني فيه الموعظة وفيه الذكرى، وفيه ما يخوف الإنسان وما يرجيه في نفس الوقت، وما يعلق بالله سبحانه وتعالى. وهذه كل الأشياء يعني تقوي القلب وتقوي الإرادة التي فيه، فيستعين بها الإنسان على الصبر.

كذلك يعني إذا اعتبرنا إن إدمان الإباحية له جانب عضوي يتعلق بالدماغ مثلاً، فالأمراض العضوية حتى يشملها التداوي بالقرآن أو الاستشفاء بالقران يشملها يشملها بالعموم يعني. فيستطيع الإنسان إنه يقرأ.. يقرأ على نفسه، يرقي نفسه، وفي نفس الوقت يتدبر القرآن فيعالج ما في صدره. وفي نفس الوقت سينال بركة القرآن. فتجتمع كلها هذه مع بعض، وإذا ضمن لذلك بقية الأسباب من دعاء ومن غيرها من الأسباب اللي اللي سيذكرها المؤلف، فيهاجم ال.. يهاجم هذا الابتلاء بكل الوسائل التي لديه، ولا يقتصر على شيء واحد؛ لأنه هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم. يعني النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتصر فقط على المعوذات أو الرقية أو كذا، بل كان يتداوى وكان يصف الأدوية يعني. ف والقرآن نفسه ذكر مثلاً الشفاء بالعسل وغير ذلك.

فإذا الإنسان يعالج المشاكل بمعالجة شمولية. وهذا اللي سلكه المؤلف، إنه ما اقتصر على نقطة واحدة، وإنما عدد في أسباب المعالجة.

إذا كانت قضية الشفاء بالقرآن هي إحدى المسائل التي عالجها ابن القيم وذكرها يعني كعلاج.

نعم، وبدأ بها يعني. تفتح الكتاب بها لعظمة القرآن يعني، ولأن كل ما سيذكره المؤلف مضمن في القرآن.

جميل.

فأكثر شيء يعني بالأسلوب وبالبلاغة وبجمال الكلمات وبركة القرآن، هو أنفع وأجدى شيء إذا أعطاه الإنسان يعني حقه من التدبر.

طيب جميل. لو أنا انتقلت إلى النقطة الثانية اللي هو موضوع الدعاء.

نعم.

فهو في هذا الباب يعني تكلمنا عن الشفاء بالقرآن، طيب بالدعاء هذا كيف يكون في هذا الإطار، سواء في إطار الابتلي ببلية كإباحية أو نحو؟

هو ببساطة الدعاء طلب، فأنت بالدعاء تستعين بالله عز وجل، تطلب الهداية وتطلب المعونة. والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى معاذًا قال: "لَا تَدَعَنَّ دُبَرَ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ". وأعظم دعاء طلب الهداية: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ". وهذا نوع من الاهتداء ونوع من طلب الهداية؛ لأنك في.. لأن مسألة الإباحية هي مسألة انحراف، وأنت تعلم آثارها السيئة، وكيف تقود الإنسان من انحراف إلى انحراف أكبر، فبالتالي يدخل في هذا الباب.

فأكيد إذا لم يدعو الإنسان بأن يصرف الله سبحانه وتعالى عنه هذه الشرور، إذا ماذا سيدعو؟ فبهذا الاعتبار نعم.

كذلك لا تنسى قصة يوسف عليه السلام قال: "وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ". فهنا هنا مسألة شهوة أيضًا، فسأل الله عز وجل أن يصرف عنه هذا الكيد. فلا شك الدعاء من أعظم الأشياء؛ لأنه لا يعطيك نتيجة تتعلق بنفسك فقط، يعطيك نتيجة تتعلق بكل.. كل من حولك وكل الكون من حولك. فربما صرف الله عنك أصلاً بعض الفتن، فلم تعرض عليك أصلاً، وغير إنه يقوي قلبك حتى تستطيع إنك تتجاوز هذه الصعوبات.

طبعًا المؤلف -كما قلنا- إنه يجود بالعلم، فلم يكتف ببيان إنه هذا السبب، بل بين أسباب إجابة الدعاء، فذكر مثلاً الساعات التي يُرْجَى فيها الإجابة، مواضع إجابة الدعاء. ذكر قضية إنه يشترط في الأسباب الشرعية -وهذا ترى مشترك حتى مع القرآن- يشترط إنه يكون المحل قابل، وأنه ما يكون في موانع. مثل الأدوية إنه قد يعني ينتفع الناس بدواء معين لكن شخص معين لا ينتفع به بسبب إنه في علة في جسده. فأحيانًا القلب يكون غافل، يكون لاهي، يكون الإنسان في مسألة الدعاء والعياذ بالله مطعمه حرام، يكون في ظلم. ففي أشياء معينة تمنع الإجابة. فكل...

يعني كانه هي قضية الدعاء الآن يعني نقول إنه هي علاج فعال في أي حالة من حالات الذنوب، لكن بشرط إنه يكون قابل للمحل.

المحل يكون قابل، وتستوفى الأسباب يعني، يحاول الإنسان... يعني هو ذكر حتى مثلاً الاسم الأعظم، بدأ يذكر أحاديث اللي تدل ما هو الاسم الأعظم؛ لأنه من أسباب الإجابة.

نعم.

فإذا استوفيت هذه الأشياء، وفي نفس الوقت الموانع اجتنبت، وكان في حضور للقلب وتضرع بين يدي الله عز وجل، فلا يكاد الدعاء ي يعني...

جميل.

فإذا هو سبب قوي يعني، ينبغي إن الإنسان يلتفت إليه. والمؤلف أحسن إنه إنه قدمه.

يعني هذا نذكره في ضمن الإطار مع السبب السابق يعني: شفاء بالقرآن والدعاء وغيرها من المضامين التي سيذكرها.

نعم، نعم، تعتبر إحدى.. إحدى النقاط اللي ركز عليها ابن القيم في كتابه هو مسألة الغرور والرجاء الذي يكون عند العبد أحيانًا، فيجعله يسرف في الذنب. خاصة إحنا نعرف اليوم مثلاً موضوع مثل موضوع الإباحية، صناعة الإعلام فيها كبيرة جدًا.

نعم.

حتى متعددة في السيناريوهات التي تقدم لهذا المتلقي. ف أثر هذا الموضوع فيما يتعلق بحسن الظن غير المنضبط؟

نعم.

في في هذا الإطار.

هو ذكر مسألة حسن الظن، طبعًا وردت النصوص لا شك فيها في مسألة إحسان الظن ودوره. وبالمناسبة هو متعلق بالدعاء: يعني في إنسان يدعو بيقين وحسن ظن بالله عز وجل، وفي إنسان يدعو مع ضعف هذا الأمر. فهنا ذكر هو مثال القوس: إذا كان مهترئًا أو ضعيفًا، فلا يخرج منه السهم إلا ضعيفًا، بخلاف ما إذا كان القوس قوي. فحال السائل مهم. فهذه هذه نقطة مهمة. فلا إشكال في هذا الموضوع، لكن الإشكال إنك أنت تأخذ فقط مثلاً نصوص الحسن الظن ونصوص الرجاء، وتترك طائفة كبيرة من النصوص الأخرى اللي هي نصوص الوعيد والنصوص التي تورث الخوف. فما الداعي لهذه التجزيئة وأخذ بعض الأشياء وترك بعض؟ فالمؤلف كانه يقول: هذا، لابد إننا نأخذ الجميع.

فنأتي هنا ونؤكد مسألة خطورة الذنوب وما لها من العواقب. وبدأ فعلاً يستعرض طائفة كبيرة من النصوص التي يعني فيها عقوبات على بعض الذنوب، أو ما يعرف بنصوص الوعيد. فمثلاً يعني من الأحاديث التي ذكرها -مثلاً- وهو في الصحيحين: يعني قال: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ فِي النَّارِ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَطِيفُ بِهِ -أو فيطيف به- أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانُ، مَا أَصَابَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟" لاحظ هذا في الظاهر إنه على عمل صالح يعني.

نعم.

فلاحظ شدة العقوبة يعني. فما هو الذنب؟ قال: فيقول: "كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ" والعياذ بالله من ذلك يعني.

فهنا أنت تتكلم عن شخص يعني لم يتسق بين قوله وعمله، فكان هذا جزاءه. وانظر إلى شدة الجزاء. فإذا لا نغتر فقط بجانب حسن الظن والرجاء، بل هما -كما ذكر يعني ابن القيم نفسه وغيره من أهل العلم- إنها مثل الجناحان، فإذا إذا غلب جانب الخوف قد يميل الإنسان ويسقط، وإذا غلب جانب الرجاء قد يسقط. فيحتاج إلى إنه يستعمل هذا وهذا.

أيضًا ذكر نصوص كثيرة، مثلاً من ضمنها مثلاً مسألة حديث البراء بن عازب، وهذا من حديث المؤثرة اللي ينبغي كل مسلم إنه يقراه يعني. "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ و.." ولما اللحد يعني لم يجهز للدفن بعد، قال: "فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ" يعني هيئته هيئة مهموم، "فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ أَكْفَانٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ..." ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه إلى آخر الحديث. طبعًا حديث طويل، هذا من من الأحاديث النبوية الطويلة. ذكر بعد ذلك حال الكافر أيضًا.

فهذا الحديث مخيف يتعلق بعاقبة الإنسان. فإذا تأمل فيه الإنسان ونزل نفسه منزلة هذا وهذا، يعني يحصل في قلبه من الخوف ومن رجاء في نفس الوقت يعني الشيء العظيم.

فالمقصود هنا يعني إنه الإنسان لابد إنه يعارض نفسه مثل استماع مثل هذه النصوص، وأيضًا القرآن فيه الكثير من هذا، فيحصل عنده هذا التوازن المطلوب، ويستعمل جانب الخوف في ردع نفسه عن الاستمرار في الذنوب، ويكون وسيلة معالجة؛ لأنه النفس قد تدعو الإنسان والشيطان يوسوس له، فإذا لم يكن معه يضرب به الباطل، فربما يهجم عليه هذا الباطل ويخلص إليه.

يقول ابن القيم يعني هنا بعد ما ذكر هذه النصوص، لاحظ يعني الخلاصة يقول: "وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَا". يقول: "فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ أَنْ يَتَعَامَى عَنْهَا" يعني يروح يقرأ فقط نصوص الرجاء وحسن الظن، ثم يتعامى عن عن هذه النصوص. "فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ أَنْ يَتَعَامَى عَنْهَا، وَيُرْسِلَ نَفْسَهُ فِي الْمَعَاصِي، وَيَتَعَلَّقَ بِحَبْلِ الرَّجَاءِ وَحُسْنِ الظَّنِّ".

فإذا هذه قضية جدًا مهمة، ليس المقصود إهمال جانب الرجاء وحسن الظن، لكنه ما يتخذ الإنسان هذا تكئة يتكئ عليها ثم يرسل نفسه في المعاصي، لاحظ كيف يعني ينهمك في المعاصي. فلا شك إنه ليس هذا هو المقصود. بل إنه ذكر هنا من ضمن الأشياء المهمة اللي ذكر كرهاً إنه الإنسان عندما يحسن الظن، معناه إنه سيحسن العمل؛ لأنه أحسن الظن بالله سبحانه وتعالى إنه سيجازيه.

وكانها تلازم عملية تلازم...

في ارتباط بينها يعني. وكذلك مسألة الرجاء.

طبعًا هنا المؤلف نستطيع يعني نقول -كما ذكرت لك في في البداية- إنه مسلكه هذا ممكن يحلل يعني: إيش.. إيش يريد المؤلف بهذا؟ هو يريد -كما قلت لك- يريد إن إنه يجهز الأرضية التي يغرس فيها، قبل ما يدخل في مسألة الذنوب. يريد يبعد هذا الأمر، بعد ما ذكر موضوع الذنوب رجع نبه مرة أخرى -كما لاحظت- إلى إنه لا ينبغي الإنسان إنه يتعامى عن مثل هذا.

يعني كانه السؤال لما ورد إلى ابن القيم -رحمه الله- ما أجاب مباشرة، وإنما أعطى بعض التمهيد.

تمهيد، هذا كله بتمهيد؛ لأنه لو ألقى هكذا جواب مباشر، ربما في شبهة عند السائل ما يعرفها، ربما السائل يأخذ هذا الكلام يقول: لكن الحمد لله يعني حسن الظن والرجاء وكذا. ف فكل الجهد الذي يبذله المؤلف يذهب أدراج الرياح. فمهد بهذه الطريقة، وهي طريقة جيدة.

حتى إنه ترى ذكر شبهات أخرى يعني قد يردها الإنسان ليتخلص من الإحساس بالذنب. قد يكون الإنسان أصلاً بعضهم يقول مثلاً: إنه لماذا أترك شيء مشكوك فيه -يعني قد أعاقب وقد لا أعاقب- أتركه لأجل شيء متيقن إنه سأحصل على هذه اللذة؟ ولكن هنا يجي المؤلف يعني يلفت الانتباه إلى مقياس آخر يقول: أنت تأخذ شيء بسيط جدًا، ثم تعرض نفسك لشيء أبدي كبير. فتنظر له من هذه الناحية، مو بس تنظر لها من ناحية احتمالية الحصول وعدم الحصول يعني.

يعني لهذا السبب فيما بعد هو أثار قضية أضرار الذنوب وآثارها وما يتعلق بها وتوسع فيها؛ لأنه يريد إنه يلفت النظر إلى هذا الجانب.

إلى جانب شدة العقوبات، وإلى جانب الطول المحتمل لها، خاصة إذا إذا استرسل الإنسان. وسيذكر هو إن الذنوب قد تجر لبعضها، ويكبر يكبر إلى إن قد يصل إلى والعياذ بالله إنه ينحل ويخرج من الإسلام الإنسان والعياذ بالله. فالمسألة خطيرة يعني، مخاطرها كبيرة جدًا جدًا يعني.

فأيضًا تكلم عن موقف الإنسان: إنه إذا كان يشعر بعدم يقين -هو الذي يضعف عن جدية الأخذ بهذه النصوص وما تستلزمه من خوف وانكفاف عن الذنوب- فيراجع نفسه في مسألة اليقين. وممكن -إذا تسمح لي- نقرا ربما يعني له كلام جيد في هذا لو باختصار.

جميل، لا بأس.

نعم، يقول: "وَإِذَا تَأَمَّلَ الْإِنْسَانُ حَالَهُ مِنْ مَبْدَأِ كَوْنِهِ نُطْفَةً إِلَى حِينِ كَمَالِهِ وَاسْتِوَائِهِ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ مَنْ عُنِيَ بِهِ هَذِهِ الْعِنَايَةُ وَنَقَلَهُ إِلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَصَرَفَهُ فِي هَذِهِ الْأَطْوَارِ، لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُهْمِلَهُ... يَهْمِلَهُ وَيَتْرُكَهُ سُدًى، لَا يَأْمُرُهُ وَلَا يَنْهَاهُ، وَلَا يُعَرِّفُهُ حُقُوقَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُثِيبُهُ وَلَا يُعَاقِبُهُ". يعني هذا نوع من الإهمال.

قال: "وَلَوْ تَأَمَّلَ الْعَبْدُ حَقَّ التَّأَمُّلِ، لَكَانَ كُلُّ مَا يُبْصِرُهُ وَمَا لَا يُبْصِرُهُ دَلِيلًا لَهُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ إِيمَانِ الْقُرْآنِ" -هذا كتاب آخر لابن القيم- "عِنْدَ قَوْلِهِ: 'فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ' إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ". فأقسم بهذه الأشياء يعني إشارة إلى إنها دالة على صدق النبوة.

قال: "وَذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: 'وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ'، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ دَلِيلٌ لِنَفْسِهِ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَصِدْقِ رُسُلِهِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ كَمَالِهِ". فالتفكر هذا يعيد الإنسان لمسألة اليقين، أو على الأقل زيادة اليقين إذا كان ضعف.. ضعف يقينه. فعندما يسمع مسألة الوعيد اللي في نصوص الوعيد والتخويف، يقع لها موقع في قلبه، بخلاف ما إذا كان غافل مهمل هذه القضية ما يستحضرها، أو عنده إشكالات فيها، فيعالج نفسه في التفكر في آيات الله سبحانه وتعالى بحيث يعود له هذا اليقين.

جميل دكتور.

كذلك يعني أ لاحظ هنا أيضًا ذكر آية لها علاقة بما ذكرنا مسألة حسن الظن والرجاء، وكيف إنها تقود لحسن العمل، اللي هي قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ". فلاحظ من هم الذين يرجون رحمه الله؟ آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله. هذا هو الرجاء. وليس إن الإنسان يذبح نفسه الأماني وينهمك في الذنوب والمعاصي، ثم يقول هذا من باب الرجاء.

فحقيقة يعني، تذهب وتأتي في الكتاب تحتار: ماذا تترك وماذا تذر؟ لكن حقيقة يعني الكتاب جميل جدًا. وذكر من ضمن الأشياء قال -وهو سبحانه كما جعل الرجاء لأهل الأعمال الصالحة، فكذلك جعل الخوف لأهل الأعمال- طبعًا يقصد هنا أعمال السيئة، ربما سقطت العبارة. فكما إنه جاعل الرجاء لأهل الأعمال الصالحة، جعل الخوف... فلماذا تترك هذا تترك هذا؟

قال: "فَعَلِمَ أَنَّ الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ النَّافِعَ هُوَ مَا اقْتَرَنَ بِهِ الْعَمَلُ". قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ". الله...

فلاحظ نتيجة الخوف والرجاء. وأيضًا مما تكلم عنه هنا على عجالة اللي هي مسألة موقف السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم من هذا الموضوع. في يعني ذكر كيف كان خوفهم من الله سبحانه وتعالى.

هنا طبعًا في هذه الآية اللي ذكرناها، قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم يعني قبل قال قبل هذا يعني نذكر الحديث. قالت: سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية، فقلت: يا رسول الله، أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال: "لَا، يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يُصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَيَخَافُونَ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ". فانظر إلى إلى هذا الحال.

فذكر مثلاً عن بعض السلف، مثلاً ذكر عن الصديق رضي الله عنه قال: يقول وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن. يعني ما يتمنى إنه إنه يكون إنسان محاسب مك... وذكر عنه إنه كان يمسك بلسانه ويقول: هذا هذا أوردني الموارد. وكان يبكي كثيرًا ويقول: "ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا". وكان إذا قام إلى الصلاة كانه عود من خشية الله سبحانه وتعالى.

وذكر عاد عن يعني غير أبي بكر من الصحابة، كيف كان موقفهم من... فكل هذا حتى يهدم تمامًا الاغترار. عشان نرجع نربط يعني: كل هذا حتى يهدم الاغترار، لما يأتي يتكلم عن مسألة الذنوب ومضرتها، يكون الاستقبال لهذا استقبال مثمر يثمر. كانك تزرع شيء فتبعد الأعشاب الضارة أو كذا، فيكون المحل صالح ثم تزرع. يعني هذه هي الآلية اللي اللي سلكها المؤلف.

جميل دكتور. الآن استعرضنا هذا السياق فيما يتعلق بالغرور ويعني حسن الظن غير المرتبط. وأنتم ذكرتم إنه هذا له علاقة أصلاً بآثار الذنوب. يعني هو حتى طرح آثار الذنوب أمر يتفكر فيه الواحد حتى يعرف مآلات هذا الشيء.

طبعًا آثار الذنوب نلحظ ابن القيم -رحمه الله- توسع فيها في الكتاب يعني بشكل كبير. لو نأخذ لمحة عامة عن آثار الذنوب في هذا الموضوع تحديدًا.

جميل، هو فعلاً يصعب إننا ندخل في تفصيلها؛ لأن المؤلف جدًا أطال فيها، وهذا يدلك على إنه يراها مهمة في في المعالجة.

يعني استعرض ابتداءً باستعراض آثار الذنوب ابتداءً من أبونا آدم عليه السلام، وكيف إنها كانت سببًا في إخراجه من الجنة. ثم أضرارها على الأمم عموما، والعقوبات التي حلت في الأمم -هذا طبعًا في القرآن- أحاديث العقوبات الأخروية. كذلك العقوبات اللي تكون في الآخرة أيضًا ذكر شيء منها.

كذلك ذكر إنه علق الشبهة أثناء الكلام إنه بعض الناس قد لا يجد أثر الذنوب مباشر عليه، فهو يقول إنه ممكن تتأخر، ممكن أثرها يتأخر حتى بعد سنين يعني. يعني إن أهم شيء إنها متحققة يعني. فلا بد الإنسان يعني ما يتساهل في مسألة هذه الآثار.

وطبعًا سيذكر هو أنواع الآثار؛ ليست فقط الآثار اللي قد تكون في الأمور الخارجية، قد تكون حتى داخل الإنسان في حال القلب مثلاً أُمّ...

وهذه أخطر. يعني مثلاً مما ذكر: حرمان العلم. يعني تؤثر على قدرة الإنسان العلمية، أو لأن العلم كما تعلم فتح من الله سبحانه وتعالى، يعني ليس كله معلومات تحفظ، جزء منه هو إرشاد من الله سبحانه وتعالى وفتح.

كذلك مسألة حرمان الرزق: تأثيرها في حرمان الرزق.

أيضًا مما ذكر: الوحشة بين العبد وبين الله سبحانه وتعالى، وظلمة القلب، والوهن لهذا القلب يضعف، ويتبع ذلك وهن البدن؛ لأن القلب هو ملك الأعضاء. فطبعًا بالتعبير المعاصر اللي هو مثلاً حالة الإنسان النفسية تؤثر على حالته البدنية. يعني أتصور إنها إنها شبيهة بهذا.

لما ذكر موضوع الوحشة بينه وبين الله عز وجل، ذكر أيضًا إنه إنه تقع وحشة بينه وبين الناس، حتى خصوصًا الصالحين منهم.

تعسير الأمور هذه من الآثار أيضًا. حرمان الطاعة، وزيادة المعصية، وهذه نقطة مهمة: إنه بعض الناس قد ينظر لآثار الذنوب إنها آثار تتعلق بدنياه فقط، لا، قد يكون من آثار الذنوب إنه يحرم من طاعة، وقد يكون من آثارها إنه يزيد في المعصية. ف كما جزاء الطاعة زيادة في الطاعة، قد تكون من أثر المعصية زيادة في المعصية.

زيادة في في المعصية.

أيضًا ذكر إنه الإنسان ممكن يعني يضعف حياءه واستقباحه للقبيح يضعف، ولذلك ينجر من المعصية إلى مرحلة المجاهرة بالمعصية؛ لأنه ما عاد يشعر بالحياء وما عاد يشعر بقبح المعصية.

وكانها تكون نتيجة تراكمات سابقة.

إي، يعني تتطور معه المسألة. فهذه مشكلة؛ لأنه معناه إنه سيدخل في ذنوب أخرى.

وكذلك يعني هو سيصبح يقع في قبائح ويراها شيء عادي، فتجد إنه الناس يعني تشير إليه باستنكار وهو يجاهر بما يفعل ولا يهتم، فهذا نوع من العقوبة أيضًا: إنه بدل ما الإنسان -كما يقال بالتعبير المعاصر- يحترم نفسه، أصبح لا يحترم نفسه، أصبح يضع نفسه في موضع قبيح.

كذلك الهوان العبد عند الله سبحانه وتعالى وسقوطه من عين الله عز وجل.

أيضًا: الذل، "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا". فتدسية النفس.

أيضًا: ضعف العقل. وذكر هنا شاهد لذلك أو أو تعليل لذلك: إنه أصلاً فعل المعصية هو نوع من ضعف العقل؛ لأنه صار الإنسان صفة العاقل إيش؟ إنه يوازن بين الأمور، ويقدم الأرجح على المرجوح، فهذا قدم لذة عاجلة على الألم الدائم أو الباقي، فهذا نوع من ضعف العقل، وهو من آثار المعصية أيضًا.

كذلك كون القلب يضعف سيره إلى الله عز وجل، والإنسان أصلاً في هذه الدنيا يسير إلى الله سبحانه وتعالى، فهذه مصيبة كبيرة.

هذا ربما نقول اللي بعضهم قد يصيبه يعني يصيبه حالة قنوط أحيانًا من لما يتكرر معه الذنب، قد يكون قنوط جزء من الموضوع وإن كان النصوص نهت عنه، وقد يكون نوع من الإحباط من نفسه.

آه.

وقد يكون لا... إنه مجرد الظلمة التي تكون في القلب والمعصية، لا أثر على القلب.

نعم.

كما جاء في الحديث: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيَّمَا قَلْبٍ قَبِلَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ".

نعم، نكتة سوداء.

ف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الْمَرْءِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ". فتراكم هذه إشكالية فيضعف سير القلب.

وأيضًا يقع في الوحشة، يشعر بالوحشة، وكذلك وحشة البعد عن الله عز وجل يعني هي هذه الوحشة المقصودة، ولا شك إنها وحشة عظيمة.

أيضًا وقوع القلب في المرض يعني مرض الشهوة هذا يعتبر مرض، فإذا القلب هنا يضعف ويمرض.

كذلك تعاظم الهوى هو النفس، ويصبح يعني كانه منقاد مع هذا الهوى.

أيضًا تشتت الإنسان، فبدلاً إن يكون مجتمع همه على طاعة الله سبحانه وتعالى، يتشتت في أودية المعاصي.

يعني وأنا حقيقة استعرض هذه العناصر تذكر إن المؤلف هنا يذكر شيء يعني يجدر يمكن إذا تسمح إننا نقراه.

لا بأس.

يقول: "وَكَمَا أَنَّ مَنْ نَهَى نَفْسَهُ عَنِ الْهَوَى كَانَتِ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ، فَكَذَا يَكُونُ قَلْبُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي جَنَّةٍ عَاجِلَةٍ لَا تُشْبِهُ نَعِيمَ أَهْلِهَا نَعِيمًا الْبَتَّةَ، بَلِ التَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَ النَّعِيمَيْنِ كَالتَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُصَدَّقُ بِهِ إِلَّا مَنْ بَاشَرَ قَلْبُهُ هَذَا وَهَذَا". يعني جَرَّب. قال: "وَلَا تَحْسَبْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: 'إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ' مَقْصُورٌ عَلَى نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَجَحِيمِهَا فَقَطْ، بَلْ فِي دُورِهِمُ الثَّلَاثَةِ هُمْ كَذَلِكَ: أَعْنِي دَارَ الدُّنْيَا، وَدَارَ الْبَرْزَخِ، وَدَارَ الْقَرَارِ، فَهَؤُلَاءِ فِي نَعِيمٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي جَحِيمٍ. وَهَلِ النَّعِيمُ إِلَّا نَعِيمُ الْقَلْبِ، وَهَلِ الْعَذَابُ إِلَّا عَذَابُ الْقَلْبِ؟ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْخَوْفِ وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ، وَضِيقِ الصَّدْرِ، وَإِعْرَاضِهِ عَنِ اللهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَتَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ، وَانْقِطَاعِهِ عَنِ اللهِ، بِكُلِّ وَادٍ مِنْهُ شُعْبَةٌ؟" يعني كانه تشعب وتفرق بين أودية الضياع والضلال. "وَكُلُّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ وَأَحَبَّهُ مِنْ دُونِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُسُومُهُ سُوءَ الْعَذَابِ. فَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا غَيْرَ اللهِ عُذِّبَ بِهِ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ. فَهُوَ يُعَذَّبُ بِهِ قَبْلَ حُصُولِهِ حَتَّى يَحْصُلَ، فَإِذَا حَصَلَ عُذِّبَ بِهِ حَالَ حُصُولِهِ بِالْخَوْفِ مِنْ سَلَبِهِ وَفَوَاتِهِ وَالتَّنْغِيصِ وَالتَّنْكِيدِ عَلَيْهِ، كَمَا تَعْلَمُ الدُّنْيَا مَا فِيهَا شَيْءٌ يَكْمُلُ". يعني وأنواع من المعارضات. "فَإِذَا سَلَبَهُ اشْتَدَّ عَذَابُهُ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ الدَّارِ".

"وَأَمَّا فِي الْبَرْزَخِ: فَعَذَابٌ يُقَارِنُهُ أَلَمُ الْفِرَاقِ الَّذِي لَا يَرْجُو عَوْدَهُ، وَأَلَمُ فَوَاتِ مَا فَاتَهُ مِنَ النَّعِيمِ الْعَظِيمِ بِاشْتِغَالِهِ بِضِدِّهِ، وَأَلَمُ الْحِجَابِ عَنِ اللهِ، وَأَلَمُ الْحَسْرَةِ الَّتِي تَقْطَعُ الْأَكْبَادَ. فَالْهَمُّ وَالْغَمُّ وَالْحَسْرَةُ وَالْحُزْنُ تَعْمَلُ فِي نُفُوسِهِمْ نَظِيرَ مَا تَعْمَلُ الْهَوَامُّ وَالدِّيدَانُ فِي أَبْدَانِهِمْ، بَلْ عَمَلُهَا فِي النُّفُوسِ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ حَتَّى يُرْدَهَا اللهُ إِلَى أَجْسَادِهَا. فَحِينَ.. فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ الْعَذَابُ إِلَى نَوْعٍ هُوَ أَدْهَى وَأَمَرُّ" يقصد يكون في الآخرة.

فأين هذا من نعيم من يرقص قلبه طربًا وفرحًا وأنسًا بربه، واشتياقًا إليه، وارتياحًا بحبه، وطمأنينة بذكره؟ حتى يقول بعضهم في حال نزعه: "وا طرباه!" يعني ذكر في الهامش المحقق ذكر إن واحد التابعين قال حين حضرته الوفاة: "غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّةَ: مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِزْبَهُ". اللهم صل وسلم. فقالت امرأته: "وَوَيْلَاهُ!" فقال: "إيش؟ وَفَرَحَاهُ!".

فيَعني القلب حال آخر وعظيم جدًا. ويقول الآخر: "إِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ، إِنَّهُمْ لَفِي عَيْشٍ طَيِّبٍ". ويقول الآخر: "مَسَاكِينُ أَهْلُ الدُّنْيَا، خَرَجُوا مِنْهَا وَمَا ذَاقُوا لَذِيذَ الْعَيْشِ فِيهَا، وَمَا ذَاقُوا أَطْيَبَ مَا فِيهَا". ويقول الآخر: "لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ، لَجَالَدُونَا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ". ويقول الآخر: "إِنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً، مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الْآخِرَةِ".

يقول: "فَيَا مَنْ بَاعَ حَظَّهُ الْغَالِيَ بِأَبْخَسِ الثَّمَنِ، وَغُبِنَ كُلَّ الْغَبْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ غُبِنَ! إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ خِبْرَةٌ بِقِيمَةِ السِّلَعِ، فَسَلِ الْمُقَوِّمِينَ. فَيَا عَجَبًا مِنْ بَضَاعَةٍ مَعَكَ! اللَّهُمَّ اشْتَرِهَا، وَثَمَنُهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. وَالسَّفِيرُ الَّذِي جَرَى عَلَى يَدِهِ عَقْدُ التَّبَايُعِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الرَّسُولُ.. هُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ بِعْتَهَا بِغَايَةِ الْهَوَانِ. إِذَا كَانَ هَذَا فِعْلُ عَبْدٍ بِنَفْسِهِ، فَمَنْ ذَا لَهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ يُكْرِمُ؟" وكما قال الله عز وجل: "وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ، إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ".

فانظر كيف يعني يعني المؤلف رحمه الله يصور لك الخسارة الكبيرة كيف تكون، واللي فقط الخسارة في ذاتها الفوات العظيم لهذه اللذة وهذا النعيم في في كل الدور الثلاثة.

يعني أنا لفتني هنا في في الكلام لما أتحدث عن الخوف والهم والحزن ونحو ذلك، إنه هذه أصلاً من آثار الذنوب.

نعم، صحيح.

وكان بعض هذه الآثار قد يعني تكون عند الإنسان وهو لا يشعر إنها من الذنوب يعني.

نعم، صحيح، صحيح جدًا. يعني اللي يحاول إنه يقصر نظره فقط على الأسباب الدنيوية أو المادية، يحاول يحلل كل شيء يحصل له بتحليل دنيوي مادي بحت. طيب أصلاً أنت مركب من جسد وروح يعني، فالروح هذه لها أسباب لنعيمها، وأسباب لشقاوتها يعني. فكيف تهمل هذا الجانب؟ فلا شك إنه الطاعة والمعصية لها أثر عظيم جدًا في أحوال النفوس.

أيضًا ذكر أمر عظيم وجليل من آثار المعاصي يعني اللي هو انكشاف الإنسان لعدوه. يعني إذا والى الله عز وجل أمدَّه الله سبحانه وتعالى بمدده، فإذا والى الشيطان وتخلى عن الطاعات وكذا، وانهمك في المعاصي، فتح على نفسه أبواب دخول العدو عليه وهجومه عليه.

يعني حتى هنا صور معركة كانه كانه كذا يعني شيء تخيلي، كانه إبليس الآن يخاطب جنوده ويوصيهم بوصايا كيف يدخلوا على الإنسان. طبعًا كلام جميل جدًا، لكن ما نستطيع نقراه ولأنه أخذ فيه أظن 13 صفحة يعني. بس تصوير جميل، كانك تقرأ قصة يعني، يوصيهم كيف يدخلوا عليه وكيف هذا الثغر الزموه ولا تدعوه يفعل كذا و.. فتصوير عجيب ومستوحى طبعًا من...

يعني استحضار العداوة الأزلية أصلاً بين الشيطان وبين...

إي، فهنا هنا هذه استطراد مع آثار الذنوب: إنه هذا يكشف.. يكشف نفسك للشيطان، ويفتح عليك مداخل للشيطان. وصور لك صور لك الأمر على شكل يعني معركة يديرها إبليس، فَتَحْتَفَز أنت لمواجهته. وهذا يعني مسلك قرآني: التنبيه على عداوة الشيطان، وعلى إنه يعني متربص بالإنسان، وكيف أخرج أبونا آدم من الجنة. كل هذا يعني لكي نحذر منه: إنه عدو مبين، ويجب إننا نتخذه عدواً. طبعًا إذا الإنسان اتخذ اتخذ شيء عدواً ماذا يفعل؟

يعني يبدأ يأخذ الاحتياطات.

يأخذ الاحتياطات، يتحفظ، يتحصن، يعني يكون في غاية الحذر يعني. فيجب إن يكون هذا حالنا يعني.

أيضًا ذكر مسألة التعرض من آثار الذنوب يعني التعرض للعن، و لك بنصوص كثيرة فيها اللعن في الكتاب وفي السنة، كيف إنه الإنسان بدخوله في الذنوب يتعرض لهذا.

أيضًا ذكر مسألة ظهور الفساد في الأرض، وزوال النعم، وحلول النقم. طبعًا الأدلة في القرآن على هذا كثيرة، ذكر هو طرفًا منها.

مما ذكر أيضًا: إطفاء نار الغيرة في في القلب، وكيف إنه من حياة القلب إن إن يكون في غيرة، والله سبحانه وتعالى يغار أن تنتهك محارمه.

أيضًا: ضعف الحياء، وضعف تعظيم الله سبحانه وتعالى في القلب؛ لأنه يتجرأ على محارم الله عز وجل.

مما ذكر أيضًا من الأشياء يعني تلفت الانتباه ويتوقف عند الإنسان اللي هي مسألة إنه الله سبحانه وتعالى قد يترك العبد يعني يخلي بينه وبين نفسه. ف إذا فقد الإنسان الله عز وجل فقد معونته ولايته ومعيته، هذا فقد عظيم لا يعوض عنه شيء.

وهنا يعني يقول رحمه الله في اقتباس قصير: "فَاللهُ سُبْحَانَهُ يُعَوِّضُ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَلَا يُعَوِّضُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُغْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْءٌ، وَيَمْنَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُجْبِرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُجْبِرُ مِنْهُ شَيْءٌ. فَكَيْفَ يَسْتَغْنِي الْعَبْدُ عَنْ طَاعَةِ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ بِطَرَفَةِ عَيْنٍ؟! وَكَيْفَ يَنْسَى ذِكْرَهُ وَيُضَيِّعُ أَمْرَهُ حَتَّى يُنْسِيَ.. يُنْسِيَ نَفْسَهُ فَيَخْسَرَهَا وَيَظْلِمَهَا أَعْظَمَ الظُّلْمِ؟"

يعني بعض الناس لما يفعل المعاصي يظن إنه قاعد يمتع نفسه ويعتني فيها، هو في الحقيقة ناسي نفسه، وهو في الحقيقة يظلم في هذه النفس. يقول: "فَمَا ظَلَمَ ظُلْمُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَلَكِنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَمَا ظَلَمَهُ... وَمَا ظَلَمَهُ" يعني ما ظلمه هو الله عز وجل، ولكن ظلم نفسه. "وَلَا مَا ظَلَمَهُ رَبُّهُ" يعني ما ظلمه الله سبحانه وتعالى، ولكن هو الذي ظلم نفسه.

كذلك مما ذكر: إنها تخرج العبد من دائرة الإحسان. فالإحسان يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله سبحانه وتعالى يراه. فانتهاك معاصي الله عز وجل ينافي هذه المرتبة. طبعًا هنا يفقد أشياء كثيرة: إنه الله سبحانه وتعالى مع المحسنين، معونة الله عز وجل، وغيرها من الأشياء التي وردت في في فضل الإحسان.

ربما أيضًا ينزل حتى من مرتبة الإيمان إلى مرتبة الإسلام، وربما -العياذ بالله- يتدرج به الذنب حتى يخرج من مرتبة الإسلام. فإذا كما قال المؤلف بعدها: "إِنَّهُ يُسْلَبُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى: أَسْمَاءَ الْقُرْبِ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: الْمُتَّقِينَ، الْمُحْسِنِينَ، الصَّابِرِينَ، الطَّيِّبِينَ. كُلُّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ تَزُولُ عَنْهُمْ، وَتَلْتَصِقُ بِهِ أَسْمَاءٌ أُخْرَى: أَسْمَاءُ الْخَبِيثِينَ، أَسْمَاءُ الْفَاسِقِينَ، أَسْمَاءُ الظَّالِمِينَ". فلو تأمل الإنسان فقط يعني إذا كان فعلاً يحب لنفسه الخير، كيف يرضى أن تزول عنه هذه الأسماء ويكتسب أسماء ضدها؟

وكان هذا دكتور يذكرني بحال الإلحاد المعاصر الآن، إنه أحيانًا في كثير من ال يعني هؤلاء الملاحدة أو الذي تبنى هذا الخط، لما تناقشه وتدخل معه في إشكالياته، فتجد إنها في الأصل موضوع شهوة يعني.

أمم.

مش.. مش مترتب على شيء عقلي مثلاً أو أو شيء من هذا القبيل. فهو في النهاية ينتهي إلى هذه الشهوة التي التي يعني لا يريد أي تأنيب حولها من جهة الضمير أو إنه متوعد بالعقاب أو نحو ذلك، فبالتالي يترك كل هذا وراءه. وطبعًا هذه -كما ذكرت هنا- إنه ما تأتي إلا بنتيجة تراكمية. هذا اللي...

يعني أنت تقصد إنه يتدرج به الحال حتى قد يصل إلى أي.. إلى إنه يلحد يعني.

نعم صحيح. يعني هذا واقعيًا بعض المشتغلين بملف الإلحاد يذكرون هذا: إنه بعض الحالات يكون يعني حتى بعضهم يعترف -ليس استنتاجات- يعني بعضهم يعترف إنه إنه مدخل الموضوع كان متعلق بمسألة الإباحية، إما إنه يريد يريح ضميره، أو إنه مسألة التراكمات مثل ما ذكرت، يضعف يضعف حتى والعياذ بالله يعني يزول بالكلية.

نعم.

جميل.

طبعًا بمناسبة هذا الكلام، أيضًا ابن القيم ذكر موضوع آخر له علاقة بهذه التدرجات عندما تكلم عن أنواع الذنوب. فذكر إن هناك ذنوب تكون بهيمية، وهي التي يعني تتعلق أكثر بموضوع الشهوات، فيشبه حال المنهمك فيها بحال البهائم لا تستعمل مسألة العواقب والنظر في العواقب، تنساق مع الغرائز.

وبعد ذلك ذكر إن هناك ذنوب سبعية، يعني يشبه القائم بها حال السباع اللي فيها عدوان وغصب وسفك للدماء.

وبعد ذلك ذكر مسألة إيش؟ الذنوب الشيطانية اللي فيها الحسد والبغي والمكر والدعوة للضلال.

ثم آخر شيء ذكر الذنوب الملكية اللي يكون فيها منازعة لله سبحانه وتعالى، ودخول في دائرة الشرك، هو سواء شرك الربوبية أو شرك الألوهية. فأيضًا هنا يعني فيها مسألة تدرج: من البهيمية ثم قد ينتقل إلى السبعية، ثم قد ينتقل إلى الشيطانية، ثم والعياذ بالله يدخل في دائرة الشرك. يعني هذه داخلة في موضوع التدرج في الذنب.

نعم.

لأنه أنا كاني أفهم إنه في سياق مثلاً موضوع الإباحية أحيانًا، هو قد يبدأ الإنسان بمشاهدة بعض الصور والفيديوهات ونحو ذلك، فيتدرج معه الموضوع بعملية الصنعة الإباحية يعني. الصناعة الإباحية لا تبقيها على مستوى معين، بل تزيد هذه الجرعات واحدة تلو الأخرى، فيصل إلى نتيجة. وهذا موجود يعني في كثير من القصص تطبيق على الواقع: إما باغتصاب وإما انتهاك حرمات أو نحو ذلك.

يعني كانه ينتقل من البهيمية للسبعية.

إي نعم. وأحيانًا قد يأتي هذا إلى شيء أعظم: يصبح داعية مثلاً يدعو لما هو عليه.

نعم، أو حتى يلحد مثلاً بالكلية ويخرج، فيدخل في في دائرة الشرك، فيدخل في نفس هذا. كانه ينتقل بنا فعلا نعم. فكانه لاحظها ابن القيم -رحمه الله- في هذه عملية التنقلات.

نعم، نعم، هي طبعًا ممكن تكون تنطبق على مجموعة من الذنوب إنه تتدرج هكذا. ففي النهاية مسألة الإدمان الإباحية هي نوع من الذنوب اللي اللي ممكن فعلاً تأخذ هذا المسار.

جميل، يعني ينتقل إلى الاعتداء على الآخرين حتى يحصل على شهوته.

ثم بعد ذلك، وطبعًا هم هنا -كما أنت أشرت- يعني يذكون نار التطلع إلى إلى المزيد دائمًا.

نعم.

فيدفعون كانهم يدفعون الإنسان دفعًا إلى إنه ينتقل من البهيمية إلى السبعية، فيصبح يصبح كالسبع العادي يعدو على.. يعدو على غيره ليحصل على مزيد من الشهوة. ولا شك هذه من المصائب.

طبعًا كل هذا عملية توعية. لاحظ يعني جزء من العلاج هو إن يعي الإنسان حجم هذه الأخطار. يعني هذا كانه كان السياق اللي كان في بداية السؤال: لما بدأ بالشفاء بالقرآن ثم بالدعاء وما يتعلق به، ثم الغرور وما يتعلق بالغرور كتهيئة، ثم قال: تعال شوف آثار الذنوب. يعني كنت وين رايح؟ يعني ما الذي سيحصل لك فعلاً يعني؟ شيء خطير جدًا.

تمام.

ولذلك لما يعني أتذكر كلامنا عن الرجاء وحسن الظن: بعض الناس يعني يرى إنه هذا من باب عدم الرحمة، إنه الرحمة هي إنك يعني ترجي الناس وكذا. هو حقيقة إنه من عدم الرحمة أيضًا إنك تخضع نفسك وتخضع الناس...

صحيح.

إذا كانت هذه الآثار كلها ممكن إنها تحصل، ممكن حتى لو احتمال، ممكن تحصل الإنسان، فهل من الشفقة والرحمة أن يترك الإنسان نفسه أو غيره بدون التنبه لهذا والحذر منه أشد الحذر؟ لا شك إنه هذا ليس من الرحمة يعني. يعني الرحمة ليست صورة واحدة، قد تأخذ الرحمة صورة أحيانًا الحزم والمنع والتنبيه والتحذير. وأنا أعتقد إنه هذا ما فعله المؤلف يعني: الداء القتال هذا الذي سأل عنه السائل، ما هو مجال للمجاملة ولا التلطف يعني في.. وإن كان هو لطيفًا يعني في عباراته، لكن أقصد ليس مجال إنه هو يخادع أو يخفي أشياء. حقيقة الأمر إنه إنه هذه الذنوب يعني تتطور، هي لا تقعد، الشيطان ليس في إجازة يعني، هو لن يقعد ويتركك على مرحلة واحدة، فهو سيجعل الأمر يتطور معك، فتصاب بكل هذه الآثار.

العياذ بالله. الآثر.. طيب جميل دكتور. الآن هو لما ذكر عملية آثار الذنوب وأنواعها اللي ذكرتموها، هناك مسألة متعلقه ب.. بعملية معالجة، خلينا نقول طرحها ابن القيم -رحمه الله- في الكتاب، هي ما يتعلق بقضية الزنا. وكانه يعني حتى لما السائل سأل، فهو يطرح يعني بعض الإشكاليات التي قد يقع فيها السائل، وقد تكون هي من ضمن الأشياء التي استشفها من السؤال.

نعم.

تمام. فمنها قضية الزنا، يعني هو تطرق لهذه القضية وأظن حتى اتسع في في الكتاب في ذكر هذه المسألة.

طيب هو ذكر عملية معالجة في البداية في الوقاية. يعني ذكر أربع أشياء للوقاية من هذا الأمر. لو نأخذ عنها فكرة دكتور.

إي هو فعلاً هو طبعًا لما ذكر أنواع الذنوب أيضًا، مما ذكر إنه كونها تنقسم لكبائر وصغائر، وأصل هذه القضية وناقشها و.. دخل في مسألة الشرك وما هو الشرك وأنواع الشرك. كل هذا برضه نوع من التمهيد، حتى بعض يعني يبين لك خطورة الذنوب مراتبها.

ثم ذكر الزنا، طبعًا ذكر قتل، ثم ذكر الزنا. فكانه يريد يقول: شوف، شو.. انظر أين مكان الزنا؟ يعني مكانه في مكان شديد.

وبعد ذلك بدا يبين كيف إنه لشدة الزنا وخطورته، إنه في معالجات قَبْلِيَّة قبل الوقوع فيه وضعها الشرعي، مثلاً مسألة تغض البصر. ثم بدا يعني يتكلم في هذا الموضوع موضوع الوقاية، ويفصل إنه له عدة مداخل. أ هي هذه الأربعة: اللحظات، والخطرات، واللفظات، والخطوات. فإذا يعني الإنسان أحكم الوقاية من هذه الأبواب الأربعة -بإذن الله عز وجل- إنه سَلِمَ، وسد هذا الباب.

ذكر في هذا يعني ممكن نستعرض بعض النقاط حتى؛ لأنها مسألة حقيقة مهمة. يعني بدأ بموضوع اللحظات قال هي فهي رائدة الشهوة ورسولها. اللحظات اللي هي باللحاظ يعني بالبصر.

نعم.

وحفظها أصل حفظ الفرج. فمن أطلق بصره أورده موارد الهلكات. وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تَتْبَعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ". وأيضًا حديث: "النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ" إلى آخر الأشياء اللي ذكرها.

يعني ذكر بدا يذكر خطورة النظر. مثلاً قال: "وَالنَّظَرُ أَصْلُ أَصْلِ عَامَّةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ؛ فَإِنَّ النَّظْرَةَ تُولِّدُ خَطْرَةً". ولاحظ هنا التسلسل كيف يأتي.

نعم.

يعني لا هي ليست فقط شهوة عابرة، لا، لها أثر، تولد خطرة تخطر على خاطر الإنسان. قال: "ثُمَّ تُولِّدُ الْخَطْرَةُ فِكْرَةً" يعني كانها تكون أكثر استقرارًا وتتوسع. "ثُمَّ تُولِّدُ الْفِكْرَةُ شَهْوَةً". "ثُمَّ تُولِّدُ الشَّهْوَةُ إِرَادَةً" يعني يصير في عزم على فعل الشيء. "ثُمَّ تَقْوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً، فَيَقَعُ الْفِعْلُ، وَلَا بُدَّ". إذا وصل الأمر تطور إلى مرحلة العزم، خلاص ما فيه إلا الفعل إلا إذا صار مانع قهري يعني. قالوا: "مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ". وفي هذا قيل: "الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الْمَ... مَا بَعْدَهُ". أمم.

فنقطة مهمة جدًا إنه إنه لا يستسهل. نعم، هو البصر أقل من الزنا، لا شك ما فيه إشكال في هذا، ول لكن.. لا لكن.. لكن الوقاية من من مرحلة البصر من من بداية هذه المرحلة أسهل بكثير من إنك تقع فيما بعدها، فتأتي بعد ذلك يصعب عليك. أمم.

كانها عملية موازنة يعني. هو كان يقول إنه غض البصر قد يجد فيه الإنسان صعوبة.

إي.

وما بعد إذا أطلق الإنسان بصره وتحقق، فتكون أصعب في أصعب وأصعب. فهو الواحد -كما كما قلنا يعني في ضمن الكلام السابق- إنه لا تنظر إلى الأمر فقط من زاوية واحدة، يعني لا تنظر تقول: هذه صغيرة، هذه من الصغائر. نعم، لا، انظر إنه هذه الصغيرة هي ترى باب إذا فتحت دخلت في عالم آخر، وصعب عليك جدًا الرجوع يعني، إلا إذا عانك الله سبحانه وتعالى.

فإذا هذا موضوع اللحظات، يعني تكلم عنه بهذه الطريقة. قال: "وَمِنْ آفَاتِ النَّظَرِ أَيْضًا" هذا نص آخر ربما نقراه: "إِنَّهُ يُورِثُ الْحَسَرَاتِ وَالزَّفَرَاتِ وَالْحَرُوقَاتِ. فَيَرَى الْعَبْدُ مَا لَيْسَ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَلَا صَابِرًا عَنْهُ". وهذا أظن ينطبق تمامًا على مسألة يعني...

لأنك تشاهد شيء ليس في في متناول يدك أصلاً يعني.

وكذلك عملية الإدمان اللي تقع، فيصير يعني كنوع استلذاذ كل شوية.

نعم. وغير كده إن إن هذه الممارسات الإباحية، ممارسات كثير منها شاذة، وكثير منها داخل فيها عنصر التصوير والإخراج، فتقع في أشياء ليست واقعية أصلاً.

صحيح.

فكلام ابن القيم يعني ينطبق على النظر للمحرمات عموما، وأظنه أشد انطباقًا على موضوع الإباحية. قال: "لَا... أَنَّهُ.. أَنَّهُ" قالوا: "هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعَذَابِ: أَنْ تَرَى مَا لَا صَبْرَ لَكَ عَنْ بَعْضِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَكَ عَلَى بَعْضِهِ". لا إنك انت يعني سلمت منه وارتحت، ولا إنك قدرت عليه، فهذا من أشد العذاب.

ثم بعد ذلك انتقل لموضوع الخطرات. يقول: "وَأَمَّا الْخَطَرَاتُ فَشَأْنُهَا أَصْعَبُ؛ فَإِنَّهَا مَبْدَأُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَمِنْهَا تَتَوَلَّدُ الْإِرَادَاتُ وَالْهُمَمُ وَالْعَزَائِمُ". لاحظ كل واحدة تدخلك في التي بعدها يعني. فيقول: "فَمَنْ رَاعَى خَطَرَاتِهِ مَلَكَ زِمَامَ.. زِمَامَ نَفْسِهِ، وَقَهَرَ.. وَقَهَرَ" لإنه لإنه برضه يظل الخطرة أسهل من الفكرة، وأسهل مما بعدها: إرادة وعزيمة يعني. يظل انت لسه في البدايات يعني. الخطرة هي اللي يعني ما يدخل الإنسان أو ما يقع في خاطره الأولى، كاننا...

أ أظن مو ليس بالضرورة يكون هي تطور للنظر، يعني بدل ما يكون نظر ولذة كذا عابرة سريعة، لا، صار في تفكير في الموضوع.

آها، جميل.

فهذا التفكير تستطيع إنك تقول: لا، أريد هذا التفكير، سأصرف نفسي عنه، وتنشغل بشيء آخر، أو تحضر في نفسك عواقب الذنوب يعني، في أساليب مختلفة، أو الدعاء وكذا. لكن إذا إذا سمحت لنفسك يبدأ الخيال يشتغل، فيبدأ موضوع الخيال يشتغل، فالموضوع يتطور أكثر فأكثر يعني.

جميل.

قال: "وَمَنِ اسْتَهَانَ بِالْخَطَرَاتِ قَادَتْهُ قَصْرًا إِلَى الْهَلَكَاتِ. وَلَا تَزَالُ الْخَطَرَاتُ تَتَرَدَّدُ عَلَى الْقَلْبِ حَتَّى تَصِيرَ مِنًى بَاطِلَةً، كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً، حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا، وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ، وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ".

طبعًا استطرد أيضًا في هذا. ثم ذكر إنه إنه العاقل يرجح أعلى المصلحتين دائمًا، فيفكر يفكر في العواقب، يفكر في الأمور الشريفة.

وأيضًا هناك اقتباس يعني ممكن نقراه جميل. يقول: "وَأَعْلَى الْفِكْرِ وَأَجَلُّهَا وَأَنْفَعُهَا مَا كَانَ لِلهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ. فَمَا كَانَ لِلهِ أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا: الْفِكْرُ فِي آيَاتِهِ الْمُنَزَّلَةِ: التَّفَكُّرُ فِي الْقُرْآنِ" طبعًا سأقرأ فقط العناوين. "الثَّانِي: الْفِكْرُ فِي آيَاتِهِ الْمَشْهُودَةِ: الْمَشَاهَدَاتِ الْمَحْسُوسَاتِ، الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَالِاعْتِبَارِ بِهَا وَالِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ. الثَّالِثُ: الْفِكْرُ فِي آلَائِهِ وَإِحْسَانِهِ وَإِنْعَامِهِ: النِّعَمِ". وهذه الأدواء أنواع الثلاثة تستخرج من القلب معرفة الله. هذا كلام صراحة في غاية الأهمية يعني. شوف لاحظ الفرق بين التفكيرين: بين الفكر في هذا والفكر في هذا، إيش ما إلا هذاك يستخرج منك إلا إرادات فاسدة تقودك إلى الهلكات، وهذا يستخرج منك معرفة الله عز وجل، يجعل في قلبك معرفة الله سبحانه وتعالى ومحبة وخوفه ورجائه.

ودوام الفكرة في ذلك مع الذكر، يصبغ القلب في المعرفة والمحبة صبغةً، يعني كانه انغمس في هذا الأمر فحاط به من كل الجهات. فمن.. يعني أنا أقول يعني: فمن استطاع إنه يفعل هذا، فهو فعلاً الدواء الذي لا مثيل له يعني.

ثم قال: "الرَّابِعُ: الْفِكْرُ فِي عُيُوبِ النَّفْسِ وَآفَاتِهَا، وَفِي عُيُوبِ الْعَمَلِ" يعني يدخل في باب المحاسبة. قال: "ثُمَّ الْخَامِسُ: قَالَ الْفِكْرُ فِي وَاجِبِ الْوَقْتِ وَوَظِيفَتِهِ، وَجَمْعِ الْأَهَمِّ كُلِّهِ عَلَيْهِ. فَالْعَارِفُ ابْنُ وَقْتِهِ" يعني يعيش لحظته، ويفكر في الأشياء اللي هي الأفضل إنه يعملها الآن. طبعًا هذا يشمل مصالح الدين ومصالح الدنيا يعني.

قال: "وَقْتُ الْإِنْسَانِ هُوَ عُمْرُهُ فِي الْحَقِيقَةِ". وبدأ يتكلم عن مسألة الوقت. ثم قال: "وَمَا عَدَا هَذِهِ الْأَقْسَامَ مِنَ الْخَطَرَاتِ وَالْفِكَرِ، فَإِمَّا وَسَاوِسُ شَيْطَانِيَّةٌ، وَإِمَّا آمَالٌ بَاطِلَةٌ وَخُدَعٌ كَاذِبَةٌ، بِمَنْزِلَةِ خَوَاطِرِ الْمُصَابِينَ فِي عُقُولِهِمْ مِنَ السُّكَارَى وَالْمَمْسُوسِينَ وَالْمَوْسُوسِينَ".

فلاحظ هنا إنه مسألة الخطرات كيف إنه لها احتمالين: يا إنك تشغل نفسك في مصالحك الدينية والدنيوية، أو إنك ستذهب إلى هذه الأشياء اللي هي ما تخرج عن دائرة الأماني والوساوس والأمور الباطلة التي يعني تقودك إلى الشقاء والعذاب في عقلك وفي بدنك بعد ذلك.

يعني هو هنا لما اتكلم حتى على المصالح الدنيوية...

نعم.

يعني كانه يقول: إنه حتى لو الإنسان مثلاً اشتغل ببعض المباحات في سبيل دفع هذه الخطرات مثلاً.

إي، أي يعني كلام كلامه يشمل حتى هذا. يشمل حتى هذا يعني، أهم شيء يكون في مصلحتك الدينية أو الدنيوية. فأما إنك تذهب في أمور ليست من مصلحتك، فهذا يعني سيدخلك في...

جيد.

هذه السلسلة من الشقاء.

ثم تكلم عن لفظات، وذكر عن مسألة اللسان، وكيف إنه اللسان يدل على ما في القلب. وبعض الآثار التي تدل على إنه أكثر ما يدخل الناس النار قال: "الْفَمُ وَالْفَرْجُ". سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ المعروف: "أَوَّى.. أَوَ إِنَّا لَمَأْخُوذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟!" قالت: "كُلَّكَ.. أُمَّكَ يَا مُعَاذُ، هَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ؟! وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!" يعني.

ذكر كيف إنه في ناس يتساهلون في باب الكلام.

نعم.

يحفظ نفسه ممكن من الخمر ومن الزنا ومن كذا، لكن يقع في مسألة الكلام، مع الخطورة التي فيه. وكيف إنه الكلمة قد تهوي بالإنسان، أو قد بالعكس ترفع. "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". نعم يعني إلى آخر الكلام في مسألة اللسان.

طبعًا هنا يعني حقيقة كلام ابن القيم ما يتضمن ربط واضح مواضيع مثل الزنا والعشق وكذا، لكن أظن إنه جزء يعني في تداخل وفي في تقاطع؛ لأن يعني تقاطع بين إيش وإيش؟ يعني المعاصي اللي تتعلق بالشهوة واللسان؛ لأنه اللسان يزين الشهوات هذه.

نعم.

بأكثر من وسيلة يعني. ف أظنه يدخل من هذا الباب، أو إنه من باب إكمال القسمة: إنه هو تحدث عن مداخل الشيطان على الإنسان، فذكر منها البصر، وذكر ال.. اللسان، والآن يذكر إيش الخطوات.

يقول: "فَحِفْظُهَا بِأَنْ لَا يَنْقُلَ قَدَمَهُ إِلَّا فِيمَا يَرْجُو ثَوَابَهُ" يعني ما تأخذ خطوة إلا فيما ترجو الثواب فيه، وإلا فالقعود خير لك.

ثم قال: "وَهَذَا كُلُّهُ ذَكَرْنَاهُ" احنا طبعًا مرينا كذا على اللحظات، خطرات، لفظات، الخطوات.

نعم.

ثم يقول: "وَهَذَا كُلُّهُ ذَكَرْنَاهُ مُقَدِّمَةً بَيْنَ يَدَيْ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ، وَوُجُوبِ حِفْظِ الْفَرْجِ". وبدأ يذكر بعض الأحاديث التي تدل على خطورة الفواحش ووجوب حفظ الفرج يعني؛ مقدمة حتى تَقِي نفسك من هذه الأشياء. بعد ذلك وعظ بمسألة الزنا وأخطاره يتعلق...

إي وما يتعلق به يعني. استفاض في الحديث.

وكان هذه أصلاً كانت فيها تقاطعات بينها وبين حتى الإباحية بحكم إن هي نظر، وقد تتدرج بالإنسان إلى أن يقع في هذا الأمر.

نعم، صحيح. يعني الإباحية عمدتها على النظر.

نعم.

فلذلك هنا صح هو يتكلم يريدها مدخل لموضوع الزنا، لكن في هذا في هذا المدخل تقاطع واضح جدًا. ثم إن الإباحية أيضًا هي يعني من أعظم النظر المحرم.

جميل.

إي، ف أكيد إن إنه السياق واحد، تستطيع إنك تقول يعني.

طيب الآن دكتور، هو بعد ما ذكر حتى قضية الزنا...

إي.

في الثلث الأخير تقريبًا من الكتاب أو الربع الأخير من الكتاب، هو تحدث عن موضوع العشق كذلك.

نعم.

يعني وتوسع في هذه المسألة توسعًا كبيرًا كذلك.

نعم.

ما السبب الذي جعل ابن القيم -رحمه الله- يتوسع في هذا الموضوع تحديدًا يعني؟

إيه، أي نعم، صح يعني، هو هو لما تلاحظ الجواب في عموم، ويأتي في بالك احتمالات متعددة إنه السائل قد يكون وقع في الذنب الفلاني. ذكر الزنا، ذكر والعياذ بالله اللواط، ذكر عدة أمور.

نعم.

فلكنه رجع للعشق في النهاية، فقال: "فَإِنْ قِيلَ: وَهَلْ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ دَوَاءٍ لِهَذَا الدَّاءِ الْعُضَالِ، وَرُقْيَةٍ لِهَذَا السِّحْرِ الْقَتَّالِ، وَمَا الْاحْتِيَالُ لِدَفْعِ هَذَا الْخَبَالِ؟! وَهَلْ مِنْ طَرِيقٍ قَاصِدٍ إِلَى التَّوْفِيقِ؟! وَهَلْ يُمْكِنُ السَّكْرَانَ بِخَمْرِهِ الْهَوَى أَنْ يُفِيقَ؟! وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَاشِقُ قَلْبَهُ وَالْعِشْقُ قَدْ وَصَلَ إِلَى سَوِيدَائِهِ؟! وَهَلْ لِلطَّبِيبِ بَعْدَ ذَلِكَ حِيلَةٌ فِي بُرْئِهِ مِنْ سَوَادِ دَائِهِ؟!" إلى أن قال: "وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالسُّؤَالِ الْأَوَّلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِفْتَاءُ، وَالدَّاءُ الَّذِي طُلِبَ لَهُ الدَّوَاءُ".

لماذا أنا عندي تحليل يعني: لماذا ابن القيم ذهب لموضوع العشق واعتبره رب.. يعني جعل هو الاحتمال الأقوى للسائل؟ يعني ليس لو نرجع لنفس السؤال...

نعم.

في البداية قال: "ابْتُلِيَ بِبَلِيَّةٍ، وَعَلِمَ أَنَّهَا إِنِ اسْتَمَرَّتْ بِهِ أَفْسَدَتْ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ". يعني اللي يشوف حال العشاق في الأشعار وكذا يظهر إنه فعلاً يعني موضوع العشق موضوع خطير يتفاقم حتى يصل لدرجات المحبة العليا، يدخل في مسألة الشرك، فلا شك يفسد الدين ويفسد الدنيا. حتى لإنه يصير أسير لي هو سيذكر عموما مفاسد العشق. لا أريد أن أستعجل.

قال: "وَعَلِمَ أَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ". قال: "قَدِ اجْتَهَدَ فِي دَفْعِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، فَمَا تَزْدَادُ إِلَّا تَوَقُّدًا وَشِدَّةً". فهذا الوصف يبدو إنه أكثر ما ينطبق عليه في موضوع العشق.

جميل. طيب الآن هو لما استعرض قضية العشق، قدم لها معالجة يعني. ما نوعية المعالجة اللي قدم ابن القيم -رحمه الله- فيها؟

هو قبل إنه يقدم المعالجة أيضًا بشّر مثل ما فعل في بداية الكتاب. قال: "نَعَمْ". يعني هو قال: "هَلْ لَهَا دَوَاءٌ وَكَذَا؟" قال: "نَعَمْ، الْجَوَابُ مِنْ رَأْسِي". ثم ذكر نص الحديث قال: "وَمَا أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ".

قال: "وَالْكَلَامُ فِي دَوَاءِ هَذَا الدَّاءِ مِنْ طَرِيقَيْنِ". فسلك مسلك هنا إ جميل ومحبب للنفس إنه يعطيك في البداية خلاصة ونظرة إجمالية، بعدين يفصل. فأنأ أحب هذا الأسلوب.

قال: "وَالْكَلَامُ فِي دَوَاءِ هَذَا الدَّاءِ مِنْ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا: حَسْمُ مَادَّتِهِ قَبْلَ حُصُولِهَا" يعني قبل إنه يحصل عندك وقاية وقطع للطريق حتى ما تدخل فيه.

ثم قال: "وَالثَّانِي: قَلْعُهَا بَعْدَ نُزُولِهَا". وبرضه هذا في تبشير يعني: إذا كان السائل من النوع اللي هو واضح من السائل إنه وقع في الأمر، هذا ترى يظل إنه له له دواء لقلعها، وليس فقط...

يعني إذا ما وقعت في هذا، هناك حلول حتى ما تقع. وإذا وقعت فيه، هناك حلول حتى...

وهو هو يبدو لي ذكر ذكر الأمرين؛ لأنه يراعي إنه يكتب كتاب، هو يريد الجواب على السائل، لكن يريد النفع العام للأمة، وقد يعني أكرمه الله سبحانه وتعالى وحصل هذا، نحسب نحسب إن ذلك حصل يعني. ففعلاً ذكر ما ينفع من وقع ومن لم يقع.

ثم قال: "فَأَمَّا الطَّرِيقُ الْمَانِعُ مِنْ حُصُولِ هَذَا، فَأَمْرَانِ": ذكر غض البصر، وذكر مسألة سماها: "اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِخَوْفٍ مُقْلِقٍ أَوْ حُبٍّ مُزْعِجٍ". هذا مجمل إيش طريقة المعالجة ال وتدخل تحت الحسم: حسم المادة قبل حصولها. أما إنه قلعها بعد حصولها، فيبدو لي من سير المؤلف إنه هو نفسه هذا ينطبق هنا وينطبق هنا. يعني مسألة غض البصر يعالج حتى بعد...

حتى لا يقع الاسترسال والتفاضل.

صحيح.

وأيضًا اشتغال القلب، وسينص هو على كلام إنه كيف يستعمل هذا في المعالجة، يفهم منه إنه ينطبق حتى على الذي يكون بعد يعني بعد نزول الداء.

تمام.

هذه هي الخارطة الإجمالية لطريقة معالجة موضوع العشق، مع أخذ الاعتبار إنه هو في معالجته يستند لما سبق، كل ما سبق.

نعم.

يعني مسألة الدعاء نرجع نؤكد عليها، مسألة القرآن، مسألة الوعي بأخطار الذنوب كذا، كلها تطبق. لكن هو كانه هنا يريد إنه يعيد تلخيص الموضوع و ويركزوا في نقاط محددة.

طيب لما هو اشتغل عن غض البصر...

نعم.

وتكلم عليها يعني بشكل قوي، وكذلك عن اشتغال القلب، فكانه هنا العشق ما هو محصور على صورة محددة، وكانها صورة موسعة، وتشمل داخلها مثلاً خلينا نقول إنه ممكن من هنا نأخذ بعض الالتقاطات في معالجة موضوع الإباحية، حتى تحديدًا في النظر ونحو ذلك، والانكباب على هذا ال...

يعني أنا أشوف إنه هذا ممكن نعم؛ لأنه هو أصلاً يعني حتى العشق أعطاه تسمية في في بعض المواضع غريبة: قال "عِشْقُ الصُّوَرِ" كذا، سمى "عشق الصور".

جميل.

طبعًا ما عندهم في ذاك الوقت التطور في الصور -الله المستعان- اللي موجود في هذا الزمن، لكن يبدو لي إنه الصور هنا تعبر عن ال ما يعبر عنه أحيانًا بالهياكل الظاهرة و يعني في مقابل إيش؟ البواطن، الأمور والأشياء المعنوية. فكانه إنسان تعلق بظاهر الأمور، تعلق بالصورة الظاهرة، وترك المعاني الباطنة: إنه هذا بشر مثله ناقص وكذا، وإنه أصلاً نحن في دنيا وفي آخرة. وفي الغرق في في الصورة المحسوسة والتعلق بها، وترك الشيء الأشرف اللي هو يتعلق بالمعنى.

وبعد ذلك طبعًا لما تنظر في في الأمور المعنوية وفي المعاني، هي مراتب أيضًا. فسيذكر يعني قضية الاشتغال بهذه الأشياء السفلة عن الأمر الأعلى اللي هو محبة الله سبحانه وتعالى.

جميل.

فيمكن هذا قصد بالصور، لكنه في نفس الوقت ينطبق، ينطبق؛ لإنه في النهاية هو اعتبرها صور، وهؤلاء هم "شياطين الصور" يعني. وحتى تدخل فيها قضية المعالجة اللي قدمها في موضوع غض البصر.

يعني لو أخذنا فكرة مثلاً غض البصر، إي نعم، كيف طرحها ابن القيم؛ لإنه أظنه توسع أو هو توسع في هذه المسألة توسع جيد.

نعم.

وذكر فيها مادة طيبة. لو نأخذ فكرة عنها دكتور.

جيد، هو فعلاً يعني، طبعًا غض البصر هو ال يعني أساس في هو المطلوب يعني، الأساس.

فذكر هو عدة أمور يعني: ذكر إنه غض البصر فيه فوائد عدة. منها: إنه امتثال لأمر الله سبحانه وتعالى، وغاية سعادة العبد هو إن في معاشه ومعاده الاتسلال الله سبحانه وتعالى.

أيضًا: إنه يمنع وصول أثر السهم المسموم الذي يعني يرمي به إبليس، وقد يهلكوا هذا الأثر؛ يعني قد تكون نظرة فيها عطب الإنسان وهلاكه.

كذلك من الفوائد قال: "إِنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ أُنْسًا بِاللهِ وَجَمْعِيَّةً عَلَى اللهِ. فَإِنَّ إِطْلَاقَ الْبَصَرِ يُفَرِّقُ الْقَلْبَ". يصبح القلب معلق بصور، صور، صور، مشتتات مشتتات، بخلاف من يجتمع قلبه على الله سبحانه وتعالى. فمن أعظم فوائد غض البصر: اجتماع القلب على الله عز وجل والأنس به. قال: "وَيُشَتِّتُهُ وَيُبْعِدُهُ مِنَ اللهِ".

قال: "وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ أَضَرُّ مِنْ إِطْلَاقِ الْبَصَرِ؛ فَإِنَّهُ يُوقِعُ الْوَحْشَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ".

قال: "الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُقَوِّي الْقَلْبَ وَيُفَرِّحُهُ، كَمَا أَنَّ إِطْلَاقَ الْبَصَرِ يُضْعِفُهُ وَيُحْزِنُهُ". سبحان الله، في لذة انتصار تكون لما إنسان يعني يملك نفسه إنه حتى النظر، أنا أملك نفسي إني أوقفه عند عند الحد الشرعي، فيها نوع من.. وهذا الشعور بالانتصار هو من الله عز وجل، إنه إنه يعني نوع من المكافأة.

فقال في الخامسة وأكثر من ذلك قال: "إِنَّ.. إِنَّهُ يُكْسِبُ الْقَلْبَ نُورًا، كَمَا أَنَّ إِطْلَاقَهُ يُكْسِبُهُ ظُلْمَةً". واستنتج هنا من ترتيب الآيات في سورة النور: بعد ذكر الله سبحانه وتعالى غض البصر "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ" إلى آخر الآيات، ثم قال أثر ذلك: "اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ".

قال ابن القيم رحمه الله: "أَيْ مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي امْتَثَلَ أَوَامِرَهُ وَاجْتَنَبَ نَوَاهِيَهُ". فإذا إشارة في الآية إلى إن الله ينير قلب المؤمن، وخاصة بعد ذكر غض البصر. يعني ممكن يأخذ من هذا إنه بسبب أو من أسباب ذلك الرئيسة: غض البصر.

قال: "وَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ، شُوفِ" تأمل في هذا الكلام صراحة، هذه كفى بها يعني مشوق للإنسان إنه يحافظ على هذه العبادة، عبادة غض البصر.

قال: "وَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ، أَقْبَلَتْ وُفُودُ الْخَيْرَاتِ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا أَظْلَمَ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- أَقْبَلَتْ سَحَائِبُ الْبَلَاءِ وَالشَّرِّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. فَمَا شِئْتَ مِنْ بِدْعَةٍ وَضَلَالَةٍ، وَاتِّبَاعِ هَوًى، وَاجْتِنَابِ هُدًى، وَإِعْرَاضٍ عَنْ أَسْبَابِ السَّعَادَةِ، وَاشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الشَّقَاوَةِ، فَإِنَّ.. إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُكْشَفُهُ لَهُ النُّورُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ. فَإِذَا فَقَدَ ذَلِكَ النُّورَ، بَقِيَ صَاحِبُهُ كَالْأَعْمَى الَّذِي يَجُوزُ فِي حَنَايَا الظُّلُمَاتِ".

يعني لو فكر الإنسان فقط في هذه، لكفى بها.

السادسة قال: "إِنَّهُ يُورِثُهُ فِرَاسَةً صَادِقَةً، يُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ الْمَحْمُودِ وَالصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ". طبعًا هذه ممكن نقول إنها مترتبة على اللي قبلها؛ يعني إذا كان نور من الله عز وجل في قلب العبد، فأنه يميز بين الحق والباطل.

نعم، وذكر هنا بعض الآثار عن السلف. وإنه أيضًا مسألة الجزاء من جنس العمل، القاعدة معروفة. فإذا ترك الله.. ترك لله شيئًا، عوضه الله خيرًا منه. فإذا غض بصره عن محارم الله، عوضه الله بأن يطلق بصيرته في ا.. يعني العلم، باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة.

طبعًا البصيرة من الله عز وجل يعني لها أثر عظيم في كون الإنسان يميز الحق والباطل، وكونه يرتفع في منازل العلم. فاثنان ربما يقرآن نفس الكلام ويفكران في نفس المسألة، لكن أحد دهما يقف فيها على دقائق من المعاني، وينتبه للفتات عظيمة، بينما الآخر يأخذ منها يعني شيء بسيط. فالسر في ذلك -والله أعلم- من أسرار ذلك: البصيرة التي يجعلها الله في قلب العبد.

ومن الأدلة أيضًا التي ذكرها: إنه الله سبحانه وتعالى وصف اللوطية بضد ذلك فقال: "لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ". فوصفهم بالسكرة التي هي فساد العقل، والعمه الذي هو فساد البصيرة.

قال: "السَّابِعَةُ: إِنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ ثَبَاتًا وَشَجَاعَةً وَقُوَّةً". فيجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة، وسلطان القدرة والقوة. مثلاً: ليست فقط إنك تبصر، يكون عندك عزمه وإرادة وقوة.

فيقول ضد هذا: تجد في المتبع الهوى من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ما جعله الله سبحانه وتعالى في من عصاه. إلى أن قال: "وَقَدْ جَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ الْعِزَّةَ قَرِينَ طَاعَتِهِ، وَالذُّلَّ قَرِينَ مَعْصِيَتِهِ. فَقَالَ: 'وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ'. وَقَالَ: 'وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ'".

قال: "وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ" يعني يدخل في ذلك طاعات وترك المعاصي. "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ، فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا".

أيضًا مما ذكر: إنه يعني غض البصر يسد على الشيطان مدخله إلى القلب؛ فإنه يدخل مع النظرة وينفذ منها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي. فيمثل له حسن صورة.. حسن صورة المنظر إليه. ويزينها ويجعلها صنمًا يعكف عليه القلب. ثم يعده ويمنيه، ويوقد على القلب نار الشهوة، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة. لاحظ كيف دور الصورة في الوقوع في المعاصي. يعني أنت تعطي الشيطان مجال إنه يشعل عليك من الحطب، ويهيج فيك من نار الشهوة بهذه الصورة، حتى يوصلك إلى ما بعدها يعني. فيصير القلب في اللهيب.

فمن ذلك اللهيب: تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار، وتلك الزفرات والحرقات أو اللي أشرت لها أنت لما قلت: إن لها آثار حزن و وكذا.

قال: "فَإِنَّ الْقَلْبَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ النِّيرَانُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَهُوَ فِي وَسَطِهَا كَالشَّاةِ فِي وَسَطِ التَّنُّورِ". ولهذا ولاحظ هذه الالتفاتة قال: "وَلِهَذِهِ كَانَتْ عُقُوبَةُ أَصْحَابِ الشَّهَوَاتِ لِلصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ: أَنْ جُعِلَ لَهُمْ فِي الْبَرْزَخِ تَنُّورٌ مِنْ نَارٍ". وهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: إنه رأى أناسًا يعذبون بصور مختلفة، فكان يسأل -أو أخبره جبريل عليه السلام- بوجه العذاب في كل منها. فمنهم هؤلاء.. إن الزنا يعني، جعل لهم في البرزخ تنور من نار، وأودعت أرواحهم فيه إلى يوم حشر أجسادهم، كما أراه الله تعالى نبيه في المنام في الحديث المتفق على صحته.

تاسعة من فوائد غض البصر: "أَنَّهُ يُفَرِّغُ الْقَلْبَ لِلْفِكْرَةِ فِي مَصَالِحِهِ، وَالِاشْتِغَالَ عَلَيْهَا بِهَا". لاحظ مصالح عامة هنا: دينية ودنيوية. "وَإِطْلَاقُ الْبَصَرِ يُشَتِّتُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. فَتَنْفَرِطُ.. فَتَنْفَرِطُ عَلَيْهِ -أو فينفرط عليه- أُمُورُهُ، وَيَقَعُ فِي اتِّبَاعِ هَوَاهُ، وَفِي الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ".

قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا". و"إِطْلَاقُ النَّظَرِ" يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه.

العاشر: "أَنَّ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ مِنْفَذًا وَطَرِيقًا يُوجِبُ انْفِعَالَ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ". في صلة بين العين والقلب، وأنه يصلح بصلاحه، ويفسد بفساده. فإذا فسد القلب فسد النظر، أطلق الإنسان بصره ولذلك إصلاح القلب مهم على فكرة يعني. هذا كاستطراد أو كشيء على الجنب: يعني الإنسان ممكن يعالج مشكلة النظر بأنه يعرف الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته، ويواعي نفسه بهذه الآثار للذنوب وكذا. فإذا صلح القلب صلح النظر.

صلح مسألة النظر. قال: "وَكَذَلِكَ.. فَإِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ فَسَدَ النَّظَرُ، وَ.. فَسَدَ النَّظَرُ فَسَدَ الْقَلْبُ". انعكس على القلب. وكذلك في جانب الصلاح: "فَإِذَا صَلَحَ الْقَلْبُ صَلَحَ النَّظَرُ".

كذلك قال: "وَإِذَا خَرِبَتِ الْعَيْنُ وَفَسَدَتْ، خَرِبَ الْقَلْبُ وَفَسَدَ، وَصَارَ كَالْمَزْبَلَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذِرَاتِ وَالْأَوْسَاخِ". ولاحظ هذه الجملة الجميلة والمخيفة في نفس الوقت. يقول: "فَلَا يَصْلُحُ لِسُكْنَى مَعْرِفَةِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَالْأُنْسِ بِهِ وَالسُّرُورِ بِقُرْبِهِ فِيهِ. وَإِنَّمَا يَسْكُنُ فِيهِ الضَّدُّ" -ذلك الضد- يعني يعني محبة الله عز وجل والأنس به، وهذه المعاني الشريفة ما تجتمع مع المعاني الواطئة النازلة. أمم... فإحداهما لا بد إنها تخرج الأخرى من القلب، والله المستعان. فيحرص الإنسان على إن يكون قلبه مسكنًا لهذه المعاني الطيبة الشريفة.

و هذا ترى مرتبط بالطريقة الثانية اللي هو "اشتغال القلب". هذا اللي كنت أريد إن أنبه عليه في هذه المسألة.

إذا كانت قضية البصر مرتبطة ارتباط كبير جدًا في القلب، فهل ابن القيم -رحمه الله- لما عالج مسألة القلب تبعًا لذلك يعني لمسألة... ممكن تقول: نعم، ممكن تقول؛ لإنه الآن بعد ما ذكر الأولى اللي هي غض البصر، جاءك في موضوع القلب.

نعم، جميل.

فقال الثاني -يعني هو ذكر إنه جواب السؤال دواء العشق في أمرين أو علاجه في أمرين: غض البصر، واشتغال القلب.

طيب إيش اشتغال القلب؟ قال: "اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمَا يَصُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ" يعني لابد القلب في معالجة معينة تجعله ينصد عن هذه الأشياء. ما هي؟ قال: "وَهُوَ إِمَّا خَوْفٌ مُقْلِقٌ أَوْ حُبٌّ مُزْعِجٌ. إِمَّا خَوْفٌ مُقْلِقٌ أَوْ حُبٌّ مُزْعِجٌ". فمتى خلا القلب من خوف ما فواته، أضر عليه من حصول هذا المحبوب. لاحظ هو يخاف من إنه يفوته شيء، هذا الفوات أضر عليه من حصول المحبوب الذي يعشقه. وطبعًا في مقدمة ذلك: فوات محبة الله عز وجل، فوات النجاة في الآخرة إلى آخره. أو محبة ما هو أنفع له يعني، يكون هناك محبة لشيء أنفع من هذا الذي يعني يتعلق به العشق، وخير له من هذا المحبوب. وفواته أضر عليه من فوات هذا المحبوب، لم يجد بدًا من عشق الصور.

يعني هي الأمرين هذه إذا ما وجدت: إنه يخاف من فوات ما هو أحب، والأمر الآخر إنه إنه يكون يشتغل بما هو أحب وما هو أعظم وأجل وأعلى، فلا لن يكون هناك بد من عشق الصور -أيًا كانت هذه الصور- يعني.

قال: "وَشَرْحُ هَذَا: أَنَّ النَّفْسَ لَا تَتْرُكُ مَحْبُوبًا إِلَّا لِمَحْبُوبٍ أَعْلَى مِنْهَا". هذا طبيعي: إنه القلب في همة ولا بد يتعلق بشيء، أو خشية مكروه حصوله أضر عليها من فوات هذا المحبوب.

وهذا يحتاج صاحبه إلى أمرين، إن فقد أحدهما لم ينتفع بنفسه: أحدهما: بصيرة صحيحة حتى يعرف إيش الفرق بين درجات المحبوب والمكروه، وأيهما أنفع. والثانية: قوة وعزم وصبر، يتمكن بها من هذا الفعل والترك. أحيانًا الإنسان قد يعرف التفاوت ويعرف مراتب الأمور، ولكن ليس عنده عزيمة وهمة، بل عنده وضاعة نفس وخسة همة، فلا ينتفع رغم علمه.

قال: "هَذَا هُوَ الَّذِي.. إِلَى" قالوا: "هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ. وَضِدُّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ".

ثم بعد ذلك يعني بين إنه هذه مقدمة. قال: "إِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْقَلْبِ حُبُّ الْمَحْبُوبِ الْأَعْلَى وَعِشْقُ الصُّوَرِ أَبَدًا". حب المحبوب الأعلى -يقصد حب الله عز وجل- بل هما لا يلتقيان، بل لا بد إن يخرج أحدهما صاحبه.

فمن كانت قوة حبه كله للمحبوب الأعلى -الذي محبة ما سواه باطلة وعذاب على صاحبها- صرفه ذلك عن محبة ما سواه، وإن أحبه لم يحبه إلا لأجله. يعني تصبح محبوباتك كلها تبعًا لحب الله سبحانه وتعالى، ولكونه وسيلة إلى محبته، أو قاطعًا له عما يضاد محبته وينقضها. كل كلها يصبح تبعًا.

والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب، وأن لا يشرك بينه وبين غيره في محبته. وإذا كان المحبوب من الخلق يأنف ويغار أن يشرك.. يشرك محب يشرك محبة غيره في محبته، ينقته لذلك ويبعده.

إلى أن قال: "مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِصَرْفِ قُوَّةِ الْمَحَبَّةِ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ بِالْحَبِيبِ الْأَعْلَى الَّذِي لَا تَنْبَغِي الْمَحَبَّةُ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ؟! وَكُلُّ مَحَبَّةٍ لِغَيْرِهِ فَهِيَ عَذَابٌ عَلَى صَاحِبِهَا وَوَبَالٌ. وَلِهَذَا لَا يَغْفِرُ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَحَبَّةِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ".

فمحبة الصور تفوت محبة ما هو أنفع للعبد منها، بل ت.. تفوت محبة ما ليس له صلاح ولا نعيم ولا حياة نافعة إلا بمحبته.

فتلاحظ هنا يعني يؤصل هذه القضية: إنه إنه لابد هنا إن إنك تعرف إنك بين خيارين. يعني كانه ما في مزاحمة يعني، هذا القلب مثلاً سيكون لمحبوب واحد.

إي، في النهاية لا بد يدفع أحدهما الآخر. يعني إما حب الله سبحانه وتعالى وما يتبع ذلك من حب الطاعات وبغض المعاصي، وإما الانهماك في المعاصي الذي سيأخذك شيئًا فشيئًا حتى وتصبح يعني.

ملاحظ هنا إنه يقول: "إِنَّهَا تَصْبِرُ مَحْبُوبَةً" يعني إن هذه المعاصي تصبح محبوب. وأصل ما فعلها، ما في شيء يتحرك في السماوات والأرض إلا بالمحبة -كما ذكر هو في موضع آخر يعني.

نعم.

مسألة المحبة هذه مسألة مهمة. فلا بد من الانتباه لهذا: إنه لا تظن إنه هذا الصراع سيستمر هكذا، سيكون هناك غلبة. فخطورة الأمر إنه الغلبة قد تكون لمحبة غير الله عز وجل، في و... ويأنس بها يعني، يأنس بهذه المعصية حينما تحصل.

يعني هو سيأنس بها بمعنى الاغترار.

نعم. وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، الغرور. لكن لن.. ستكون عذاب في الحقيقة عليه. لكن هذا التعلق هو داء قتال يعني، إذا إذا لم يعني تدرك هذه الخطورة قد تسترسل معه وتقع في هذه المشكلة العظيمة.

بعد ذلك المؤلف بدأ يذكر كلام أكثر في موضوع المحبة. الآن معالجته منصبة على موضوع المحبة. حتى هنا ذكر مثلاً مراتب المحبة وأنواعها وكذا.

لعل نذكر بعض الأشياء اللي تؤكد معالجته، يعني تجعل معالجته واضحة للمشاهد. قال: يعني هنا اقتباس مهم: "وَأَطْيَبُ الْعَيْشِ وَأَذْهُهُ وَأَطْلَقُهُ: عَيْشُ الْمُحِبِّينَ الْمُشْتَاقِينَ الْمُسْتَأْنِسِينَ. فَحَيَاتُهُمْ هِيَ الْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ فِي الْحَقِيقَةِ. وَلَا حَيَاةَ لِلْعَبْدِ أَطْيَبُ وَلَا أَنْعَمُ وَلَا أَهْنَى مِنْهَا، وَهِيَ الْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: 'مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً'".

ولاحظ هنا كيفية الاستدلال يعني في في براعة. قال: "لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْحَيَاةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَفَارِ" ما صار في في فرق يعني. إذا كان هي المراد، لإنهم لهم يعني والأبرار والفجار. "مَنْ طِيبِ الْمَأْكَلِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ". يشتركون فيه.

إي يشتركون، بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافًا مضاعفة. وقد ضمن الله سبحانه لكل من عمل عملاً صالحًا أن يحييه حياة طيبة. إذا ما هي؟ قال: "فَهُوَ صَادِقُ الْوَعْدِ الَّذِي لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ".

أي حياة أطيب من حياة من اجتمعت همومه كلها، وصارت همًا واحدًا في مرضاة الله، ولما شعث قلبه بالإقبال على الله، واجتمعت أراداته وأفكاره التي كانت منقسمة، بكل واد منها شعبة، على الله، فصار ذكر محبوبه الأعلى وحبه، بكل واد، والشوق إلى لقائه، والأنس بقربه هو المستولي عليه، وعليه تدور همومه وإراداته وقصوده، بل خطرات قلبه. فإن سكت سكت بالله، وإن نطق نطق بالله، وإن سمع فبه يسمع، وإن أبصر فبه يبصر، وبه يبطش، وبه يمشي، وبه يتحرك، وبه يسكن، وبه يحيا، وبه يموت، وبه يبعث.

كما في صحيح البخاري عنه -رضي الله عنه- صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى إنه قال: "مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ. وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ. فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا. فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي. وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ. وَمَا تَرَدَّدْتُ.. تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ".

قال: "وَلَاحِظْ أَنَّ الْكَلِمَةَ" يعني خادشة شوية أو مزعجة شوية، لكنها من الإزعاج الذي لا بد منه. قال: "فَتَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْإِلَهِيَّ -الَّذِي حَرَامٌ عَلَى غَلِيظِ الطَّبْعِ كَثِيفِ الْقَلْبِ فَهْمُ مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِهِ-"

أسأل الله أن لا يجعلنا منهم.

آمين. "حَصَرَ تَضَمَّنَ حَصْرَ أَسْبَابِ مَحَبَّتِهِ فِي أَمْرَيْنِ: أَدَاءُ فَرَائِضِهِ، وَالتَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ. وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ أَدَاءَ فَرَائِضِهِ أَحَبُّ مَا تَقَرَّبَ بِهِ إِلَيْهِ الْمُتَقَرِّبُونَ، ثُمَّ بَعْدَهَا النَّوَافِلُ. وَأَنَّ الْمُحِبَّ لَا يَزَالُ يُكْثِرُ مِنَ النَّوَافِلِ حَتَّى يَصِيرَ مَحْبُوبًا لِلهِ. فَإِذَا صَارَ مَحْبُوبًا لَهُ، أَوْجَبَتْ مَحَبَّةُ اللهِ لَهُ مَحَبَّةً أُخْرَى مِنْهُ لِلهِ فَوْقَ الْمَحَبَّةِ الْأُولَى. فَشَغَلَتْ هَذِهِ الْمَحَبَّةُ قَلْبَهُ عَنِ الْفِكْرَةِ وَالِاهْتِمَامِ بِغَيْرِ مَحْبُوبِهِ، وَمَلَكَتْ عَلَيْهِ رُوحَهُ، وَلَمْ يَقْ فِيهِ سَعَةٌ لِغَيْرِ مَحْبُوبِهِ الْبَتَّةَ. فَصَارَ ذِكْرُ مَحْبُوبِهِ وَحُبُّهُ وَمَثَلُهُ الْأَعْلَى مَالِكًا لِزِمَامِ قَلْبِهِ، مُسْتَوْلِيًا عَلَى رُوحِهِ اسْتِيلَاءَ الْمَحْبُوبِ عَلَى مُحِبِّهِ الصَّادِقِ فِي مَحَبَّتِهِ الَّتِي قَدِ اجْتَمَعَتْ قُوَى حُبِّهِ كُلُّهَا لَهُ".

فيَعني هذا كلام يُشوِّق إلى مسألة المحبة شوقًا عظيمًا.

يعني هنا إنه لما ذكر موضوع العشق وكذا، يعني أراد إنه يأتي بالمعالجة في اشتغال القلب، نبه على موضوع المحبة، نعم، وأنه إنه قضية إن الإنسان يشتغل مثلاً بال... لإنه لإنه شوف من من عرف الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن إن يملك قلبه إلا أن يكون محبًا لله عز وجل أعظم الحب.

نعم.

فلا يوجد نسبة بين حب الله عز وجل الحب الصادق الذي يعني نشأ عن هذه المعاني، لا يوجد نسبة بينه وبين عشق الصور وحبها، ولا بد إن هذا سيكون علاج لهذا، وسيطرده ويقضي عليه إذا أعطاه الإنسان حقه. ولذلك ابن القيم أطال في هذه المسألة في ذكر ثمارها، وأنواع المحبة، ومسألة المعية، وكيف معية الله سبحانه وتعالى الخاصة -طبعًا في إشارة لهذا في الحديث اللي ذكرناه- وذكر بعض آيات إن الله سبحانه وتعالى مع المحسنين، مع الصابرين وهكذا. وذكر تكلم عن هذه المعية وكيف إنها تزول بها الهموم والغموم والأحزان، وأشياء كثيرة جدًا، كلها تعتبر نوع من الشرح لهذا الحديث؛ لأنه هو أصلاً يعني عمدة في هذا الباب.

عمدة في هذا الباب، وذكر مسألة المعية لكن بطريقة أخرى.

طيب لو يعني تطرقنا لنقطة أخرى في نفس الموضوع، في ذات الموضوع اللي هو مفاسد العشق التي ذكر ابن القيم -رحمه الله- عليها، وبعدين كانه أ هل وضع خطوات عملية في عملية المعالجة هذه؟

بعد إنه ذكر المفاسد، هو لا شك يعني هذا الموضوع مهم. لكن قبل إن أغادر إذا تأذن لي نقطة المحبة يعني في بعض الأشياء هو أو أقدم ملخص على الأقل؛ لأنه حتى يفهم فقط ماذا يريد.

هو تحدث عن إن المحبة هي أساس العبادة، هذه نقطة مركزية يعني، وإن توحيد الله سبحانه وتعالى بها ينافي عشق الصور. وحتى يعني كانه في توجيه كلامه مباشر، يعني خاطب السائل بمعنى الكلام إنه: تفكر كيف إنه هذه المحبة تضاد التوحيد، وإنك لا نجاة لك إلا إن إيش تحاول إنك تخرج هذه المحبة.

وتكلم عن إنه أصل الشرك شرك المحبة، وإن الله سبحانه وتعالى يحب لكماله ولذاته سبحانه وتعالى. ويستلزم حبه: بغض ما أبغض الله، حب ما أحب الله، بغض ما أبغض الله. هذه كلها معالجات يعني تساعد على إنه الإنسان.. الإنسان يأخذ هذا القرار إنه يعطي الأولوية، بل إنه يخرج ذاك الحب بهذا الحب.

وذكر في موضع هنا أريد فقط أقتبس منه إ يعني مسألة ال.. إن يعرض الإنسان نفسه على بطريقة يعرف هل هو فعلاً إ سائر في هذا المقام أو لا. يقول: "فَاعْرِضْ نَفْسَكَ.. فَاعْرِضِ الْآنَ نَفْسَكَ، أَوْ فَاعْرِضِ الْآنَ عَلَى نَفْسِكَ: أَعْظَمَ مَحْبُوبٍ لَكَ فِي الدُّنْيَا، بِحَيْثُ لَا تَطِيبُ لَكَ الْحَيَاةُ إِلَّا مَعَهُ". يعني هذا واحد ممكن الأم أو الزوجة أو غير ذلك. قال: "فَأَصْبَحْتَ وَقَدْ أُخِذَ مِنْكَ، وَحِيلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، أَحْوَجَ مَا كُنْتَ إِلَيْهِ" -مثل الأطفال عندما يفقدون أمهاتهم مثلاً- قال: "كَيْفَ يَكُونُ حَالُكَ؟! هَذَا، وَمِنْهُ كُلُّ عِوَضٍ" يعني ممكن تعوض عنه بأشياء كثيرة. "فَكَيْفَ بِمَنْ لَا عِوَضَ عَنْهُ؟!"

الله أكبر.

فهذه إيقاظة يعني في كلامه توقظ الإنسان على خطورة هذا الموضوع.

طبعًا مما ذكر هنا من الأشياء النافعة: إن الله سبحانه وتعالى ذكر مثالاً عظيمًا في هذا الباب -باب الشهوة والانصراف عنها- اللي هو قصة يوسف عليه السلام، وكيف نقدم مرضاة الله سبحانه وتعالى.

أيضًا من الأشياء المهمة اللي ذكرها اللي هي تبين لك متى أو تميز لك متى تكون المحبة شركًا. قال: "وَهُوَ أَقْسَامٌ". فأنه تارة يكون كفرًا: كمن اتخذ معشوقه ندًا يحبه كما يحب الله. في القرآن كما فَعَلَمْ الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبون كحب كحب الله. "وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ". قال: "فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مَحَبَّتُهُ أَعْظَمَ مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ فِي قَلْبِهِ؟!" والعياذ بالله. فهذا عشق لا يغفر لصاحبه؛ فإنه من أعظم الشرك. "وَاللهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَإِنَّمَا يَغْفِرُ بِالتَّوْبَةِ الْمَاحِيَةِ".

قال: "شَوْفَ، هَذَا شَيْءٌ عَمَلِيٌّ" يعني قال: "وَعَلَامَةُ هَذَا الْعِشْقِ الشِّرْكِيِّ الْكُفْرِيِّ: أَنْ يُقَدِّمَ الْعَاشِقُ رِضَا مَعْشُوقِهِ عَلَى رِضَا رَبِّهِ". وهذه نقطة خطيرة، يعني قد تحصل لكثير من الناس وتتكرر وكذا، فيدل على إنها استحكمت. فهنا بدأ الإنسان يعني يدخل في المحبة الشركية والعياذ بالله.

قال: "وَإِذَا تَعَارَضَ عِنْدَهُ حَقُّ مَعْشُوقِهِ وَحَظُّهُ، وَحَقُّ رَبِّهِ وَطَاعَتِهِ، قَدَّمَ حَقَّ مَعْشُوقِهِ عَلَى حَقِّ رَبِّهِ، وَآثَرَ رِضَاهُ عَلَى رِضَاهُ" إلى آخر هذا الكلام. وذكر إنه بعض العشاق يصرح بأنه لم يبقى في قلبه موضع.. موضع لغير معشوقه أصلاً يعني.

إثم ذكر عبارة نفيسة تقدم خلاصة قال: "وَدَوَاءُ هَذَا الدَّاءِ الْقَتَّالِ: أَنْ يَعْرِفَ مَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ دَاءٍ مُضَادٍّ لِلتَّوْحِيدِ أَوَّلًا". أول شيء: تعرف إنه أنت دخلت في شيء يضاد التوحيد، هذه نقطة مهمة.

قال: "ثُمَّ يَأْتِي" لاحظ الشيء العملي. قال: "ثُمَّ يَأْتِي مِنَ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ بِمَا يَشْغَلُ قَلْبَهُ عَنْ دَوَامِ الْفِكْرَةِ فِيهِ". لإنه العبادة قوامها على محبة الله عز وجل وتعظيمه، فلا شك إنه هذا سيشغل.

قال: "وَيُكْثِرُ اللَّجَأَ وَالتَّضَرُّعَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي صَرْفِ ذَلِكَ عَنْهُ". وأن يراجع بقلبه إليه. "وَلَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ أَنْفَعُ مِنَ الْإِخْلَاصِ لِلهِ. وَهُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ: 'كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ'، الْمُخْلَصِينَ". فإذا هذه يعني خلاصة ذكرها ابن القيم: إنه معرفة إنه يضاد التوحيد، والانشغال بعبادة الله عز وجل الظاهرة والباطنة حتى يرتقي إلى تحقيق الإخلاص، فيخلصه الله سبحانه وتعالى من هذه البلية.

طيب دكتور، الآن بعد ما جُلْنَا في هذه الجولة الماتعة حول موضوع المحبة وما يتعلق بها، أعود إلى ذات السؤال: بحكم إنه ابن القيم -رحمه الله- قدم له معالجة جيدة وهو "مفاسد عشق الصور". أول شيء كانه ينبه عليها ويحذر منها، ثم الخطوات العملية في التخلص من هذا الشيء.

نعم، هو ذكر عدة مفاسد، طبعًا سنقتصر على عناوينها. أول شيء قال: "الِاشْتِغَالُ عَنِ الْحَبِّ الْأَعْلَى" هذا من أعظم المفاسد: إنها تشغلك عن حب محبوبك الأعلى، هو الله سبحانه وتعالى.

ثانيًا: "الْعَذَابُ الَّذِي يَكُونُ فِي ذَلِكَ" وأظن يعني أشعار العشاق وفي في التعبير عن عذاباتهم بالعشق أشهر من إن تذكر.

ثالثًا: ثالثًا: "الْأَسَدُ.." وقوع الإنسان تحت أثر هذا المعشوق، فيصبح تحت يعني سيطرته، وكل شيء متعلق به، وهذا نوع من العذاب أيضًا.

قال: "تَضْيِيعُ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا" الرابعة؛ لإنه يتشتت قلبه، ويصبح في هم وعذاب وما إلى ذلك.

أيضًا: "قُرْبُهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَبُعْدُهُ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى". قربه من الشيطان وأوليائه، وبعده من الله سبحانه وتعالى.

أيضًا من المفاسد التي ذكرها: "فَسَادُ الذِّهْنِ، وَقُوَّةُ الْوَسْوَسَةِ". فهذا ينشأ أيضًا من عشق الصور.

إثم قال: "فَسَادُ الْحَوَاسِّ" معنويًا وحتى حسيًا؛ لإنه القلب إذا فسد سرى الفساد إلى الحواس.

ثم أيضًا قال: "تَعَطُّلُ الْقُوَى" يعني تتعطل قوى الإنسان تضعف نتيجة لضعف القلب.

فهذه هي الأشياء اللي ذكرها من ضمن مفاسد العشق. طبعًا هذه المفاسد الخاصة، وتتقاطع مع أضرار الذنوب أو بعض أضرار الذنوب. وطبعًا يترتب أيضًا على العشق المحرم كل المفاسد التي ذكرت في مسألة أضرار الذنوب.

جميل، هذا فيما يتعلق بالمفاسد نفسها.

نعم.

بعدين هو انتقل إلى خطوة أخرى ليقدم الخطوات العملية في...

نعم، هو طبعًا لم يسميها هكذا، لكن تشعر من طريقة الكلام وترتيبه كانه يعطي خطوات لمدافعة العشق.

نعم.

مراحل. فحقيقة كلامه في هذا الباب جيد. فقال هنا قال: "فَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يُحَكِّمَ عَلَى نَفْسِهِ عِشْقَ الصُّوَرِ" يعني لا تترك الموضوع يستفحل ويستحكم ل.. إلا يؤديه ذلك إلى هذه المفاسد التي ذكرناها قبل قليل أو أكثرها أو بعضها. فمن فعل ذلك فهو المفرط بنفسه المغرر بها. "فَإِذَا هَلَكَتْ فَهُوَ الَّذِي أَهْلَكَهَا. فَلَوْلَا تَكْرَارُهُ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ مَعْشُوقِهِ وَطَمَعُهُ فِي وَصَالِهِ، لَمْ يَتَمَكَّنْ عِشْقُهُ مِنْ قَلْبِهِ" يعني هنا ينبه لمسألة إنه قد تقع أنت في في النظر أو مفسدة النظر، ولكن.. المشكلة تتفاقم وتكبر عندما إيش تكرر هذا النظر، بينما كان ممكن تتوقف.

قال: "فَإِنَّهُ أَوَّلُ أَسْبَابِ الْعِشْقِ: الِاسْتِحْسَانُ، سَوَاءً تَوَلَّدَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ سَمَاعٍ" طيب يعني عن طريق الحواس. "فَإِنْ لَمْ يُقَارِنْهُ طَمَعُ الْوِصَالِ، وَقَارَنَهُ الْإِيَاسُ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ يَحْدُثْ لَهُ الْعِشْقُ" يعني لاحظ: لو توقفت في هذه المرحلة، وقلت إنه ما فيه مطمع في في الوصال مع هذه.. مع هذه الصورة التي يعني أفكر فيها وأستحسنها، هي غير حاصلة أو لا يمكن إنها تحصل أو لأنها محرمة مثلاً. ففي هذه الحالة خلاص انقطع الباب من أوله، أو انقطع السير من أوله إلى إلى هذا ال ال ال يعني المعصية. "لَمْ يَحْدُثْ الْعِشْقُ".

قال: "فَإِنِ اقْتَرَنَ بِهِ الطَّمَعُ" فيعني إذا ما أخذ هذه الخطوة لا، حصل في قلبه طمع في الوصال، "فَصَرَفَهُ عَنْ فِكْرَتِهِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ قَلْبُهُ بِهِ" يعني تشاغل عنه و.. يعني قرر إنه ما يسترسل معه، يتركه. "أَيْضًا لَمْ يَحْدُثْ لَهُ ذَلِكَ" يعني لم يحصل له العشق.

قال: "فَإِنْ أَطَالَ مَعَ ذَلِكَ الْفِكْرَ فِي مَحَاسِنِ الْمَعْشُوقِ" في يعني معناه إن استرسل، ولكن قال إيش؟ قال: "وَقَارَنَهُ خَوْفٌ مَا هُوَ أَكْبَرُ عِنْدَهُ مِنْ لَذَّةِ وَصَالِهِ، إِمَّا خَوْفٌ دِينِيٌّ كَدُخُولِ النَّارِ وَغَضَبِ الْجَبَّارِ وَاحْتِقَابِ الْأَوْزَارِ، وَغَلَبَ هَذَا الْخَوْفُ عَلَى ذَلِكَ الطَّمَعِ وَالْفِكْرِ، لَمْ يَحْدُثْ لَهُ الْعِشْقُ". فإذا هذا طريق آخر: يعني هو فكر واسترسل وارتكب هذا الخطأ، لكن يزاحم هذا بالخوف من شيء هو أشد وأكبر من من حصول اللذة في الوصال. فهذا أيضًا سيدفع عنه موضوع العشق.

قال: "فَإِنْ فَاتَهُ هَذَا الْخَوْفُ، فَقَالَ: إِنَّهُ خَوْفٌ دُنْيَوِيٌّ، كَخَوْفِ تَلَافٍ نَفْسِهِ" يعني يتلف وماله، "إِمَّا مُفْسِدَ الْعِشْقِ، أَوْ مِنَ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ الْحُدُودُ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَهَابِ جَاهِهِ وَسُقُوطِهِ وَسُقُوطِ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ" قد يكون مثلاً فضيحة وسقوطه من عين من يعز عليه. "وَغَلَبَ هَذَا الْخَوْفُ لِدَاعِي الْعِشْقِ، دَفَعَهُ" يعني هذا أيضًا ممكن يكون طريق.

قال: "وَكَذَلِكَ إِذَا خَافَ مِنْ فَوَاتِ مَحْبُوبٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ وَأَنْفَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْشُوقِ". يعني هذا العشق يتسبب في فوات محبوب آخر؛ لأن المحاب تتزاحم. وقدم محبته.. محبته على محبة المعشوق. "أَيْضًا إِشْ.. انْدَفَعَ عَنْهُ الْعِشْقُ". هذا ذكرنا بكلامه أول لما قال: "إِمَّا خَوْفٌ أَوْ.. أَوْ حُبٌّ".

قال: "فَإِنِ انْتَفَى ذَلِكَ كُلُّهُ، أَوْ غَلَبَتْ مَحَبَّةُ الْمَعْشُوقِ لِذَلِكَ، انْجَذَبَ إِلَيْهِ الْقَلْبُ بِكُلِّيَّتِهِ، وَمَالَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ كُلَّ الْمَيْلِ". كما قيل يعني هذا من عندي: "كما قيل: فَصَادَفَ قَلْبًا خَالِيًا، فَتَمَكَّنَهُ".

فإذا هذه الأشياء لابد يعني بها الإنسان يعني، لو وقع في الخطأ. أشوفها كذا يعني تنطبق مع مراحل إدمان الإباحية: يعني ممكن يقع الإنسان مرة، فالمفروض إنه يوقف. فإذا في.. يستحضر الخوف من النار فيوقف. في.. في آخره.

حتى لفتني حتى الالتفات الدنيوية هذه...

إيه، حتى سقوطه من عين أهله مثلاً، زوجته...

إيه، من يعز عليه عموما إيه...

إي نعم، جميل جدًا. لا شك، لا شك.

طيب الآن بعد هذه الجولة الماتعة في الكتاب يعني، من من التسلسل اللي ذكره ابن القيم -رحمه الله- عليه، ربما المستمع الآن يعني يتشوق إنه يجمع أشتات هذا الموضوع. يعني تكلمنا شيء عن الدعاء، عن القرآن، عن آثار الذنوب، العشق ونحو ذلك. لو نقدم دكتور خلاصة جامعة في هذا الباب فيما يتعلق بكتابنا القيم.

جيد، طبعًا هذا أمر يعني في شيء من الصعوبة، ولكن نحاول يعني. ربما حتى يعني أحاول إن أقدمها بترتيب آخر أو ترتيب يعني مغاير، لكن المؤدى واحد.

يعني ممكن نقول مثلاً: إنه يشتغل الإنسان بما يحصل في.. يحصل في قلبه اليقين بالله سبحانه وتعالى وبدينه وبنعني اليوم الآخر؛ لأن هذه الأشياء إذا إذا آمن بها الإنسان، كانت أعظم معين له على ما ذكر المؤلف من إنه يدفع عن نفسه هذه الأمور ويقطعها. وهذا طبعًا يكون -كما هو معلوم- بتدبر القرآن، وبالتفكر في آيات الله سبحانه وتعالى، بمعرفة الله بأسمائه وصفاته، فيحصل في قلبه محبة الله وتعظيمه، والخوف من عذابه، والخوف من الآخرة، ورجاء ما عنده، ومعرفة عواقب الأمور، وغير ذلك من الأشياء الكثيرة اللي في النهاية تشكل هذا الوعي والشعور مع المعايشة. يعني مسألة المعايشة والاستشعار ضرورية؛ هي ليست معلومات نظرية فقط، لابد يعايشها الإنسان ويستشعرها.

فإذا فعل ذلك، اجتهد في فعل الأسباب التي ذكرها المؤلف. فيستشفي بالقرآن، ويدعو ويُلح ويتحر وقال الإجابة ولا ييأس مهما حصل. ومع ذلك ينظر في آثار الذنوب ويعيد النظر فيها مرة بعد مرة. وهذا الشيء موجود في القرآن، يعني القرآن نفسه يذكر عواقب الضلال والذنوب وكذا. فقراءته للقرآن مع تدبره كفيلة بأن تعالج عنده هذه المشكلة، وهو قرآن موعظة يعني: "قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ".

وأيضًا لا مانع إنه يستفيد أيضًا من مواعظ من صُحبة الصالحين، والأشياء اللي تدخل من خلالها مسألة التذكير والتفكير في عواقب الذنوب، فيحصل الخوف من الله سبحانه وتعالى في قلبه.

بعد ذلك -بعد هذه المسألة- ينظر في مسألة مفاسد هذا الأمر، ويتفكر في مفاسده الدنيوية التي تحصل له، وما يقع له من تشتيت القلب، وما يقع من الهم والحزن. يعني يركز وعيه على نفس المعصية هذه، وكيف مفسدتها وآلامها عليه. وأيضًا يلتفت إلى الخطورة الكبرى: إنه قد تجر إلى مرحلة المحبة الشركية، وقد تزاحم حب الله سبحانه تعالى في قلبه حتى تخرجه من الدين. فيدرك خطورة هذا الأمر.

ويشتغل بما يزيله من العبادات الظاهرة والباطنة مثل ما ذكر المؤلف: يعني يأتي العبادة وهو يعرف إن فيها شفاءً، من جهة تعظيم الله عز وجل في قلبه ومحبته وزيادة إيمانه، حتى تحصل عنده القوة والإرادة على دفع هذه المصيبة.

ويسلك من الناحية العملية في مدافعة في غض البصر، وعندك مسألة مدافعة الخطرات وعدم جعلها تتمكن. وأيضًا مسألة الوقوف وعدم أخذ الخطوات. كذلك المراحل التي ذكرها في مسألة العشق: إنه إنه يحاول يقطع المسألة في بدايتها يعني؛ بحيث إنه طبعًا بعد غض البصر، مسألة إنه لا يسترسل في استحسان الصورة. إذا استحسنها، يستحضر ما يعارضها من إنه قد تؤدي إلى فوات محبوب، إلى خوف من النار، إلى وقوع في في العذاب، إلى آخر إلى آخر ما ذكر.

فإذا جمع كل هذه الأسباب مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، والصبر والمصابرة، فأظن إنه يكون بهذا استوفى ما أراد المؤلف أن يوصله من علاج يعني هذا الداء القتال كما سماه.

جميل، جميل. دكتور، حقيقة اليوم استمتعنا معكم جدًا في هذا الطرح الماتع حول هذا الكتاب وعلاقته حتى في موضوع الإباحية، يعني نقاط المتقاطعة معها. فانا أشكركم شكر جزيل شيخنا على هذا اللقاء.

العفو، ممتن حقيقة. شكرًا لكم اتحتم هذه الفرصة يعني. الله يسعدكم. ما أدري إذا عندكم شيء تقدمونه؟

والله في في النهاية ممكن نختم باقتباس جميل يعني أو اقتباسين إذا يعني الوقت يكفي.

تمام.

أيضًا مست المحبة يعني صراحة هي مدار للمعالجة، وهي يعني مسألة أصلاً مقصودة لذاتها. يعني يقول هنا رحمه الله قال: "وَكُلُّ مَا مِنْهُ -يَعْنِي اللهُ سُبْحَانَهُ- إِلَى عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ، يَدْعُوهُ إِلَى مَحَبَّتِهِ، مِمَّا يُحِبُّ الْعَبْدُ أَوْ يَكْرَهُ: فَعَطَاؤُهُ وَمَنْعُهُ، وَمُعَافَاتُهُ وَابْتِلَاؤُهُ، وَقَبْضُهُ وَبَسْطُهُ، وَعَدْلُهُ وَفَضْلُهُ، وَمَاتَتُهُ وَإِحْيَاؤُهُ، وَلُطْفُهُ وَبِرُّهُ وَرَحْمَتُهُ وَإِحْسَانُهُ، وَسَتْرُهُ وَعَفْوُهُ وَحِلْمُهُ وَصَبْرُهُ عَلَى عَبْدِهِ، وَإِجَابَتُهُ لِدُعَائِهِ، وَكَشْفُ كُرْبِهِ، وَإِغَاثَةُ لَهْفَتِهِ، وَتَفْرِيجُ كُرْبَتِهِ، مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهِ" -يعني الله سبحانه وتعالى ما يحتاجه، بل مع غناه التام التام عنه من جميع الوجوه- "كُلُّ ذَلِكَ دَاعٍ لِلْقُلُوبِ إِلَى تَأَلُّهِهِ وَمَحَبَّتِهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ تَمْكِينُ" لاحظ هذه: "بَلْ تَمْكِينُهُ عَبْدَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَعَانَتِهِ عَلَيْهِ، وَسَتْرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ وَطَرَهُ مِنْهَا، وَكَلَاءَتُهُ وَحِرَاسَتُهُ لَهُ وَهُوَ يَقْضِي وَطَرَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، بِعَيْنِهِ، وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهَا بِنِعَمِهِ" -يعني بنعم الله عز وجل- "مِنْ أَقْوَى الدَّوَاعِي إِلَى مَحَبَّتِهِ، أَنَّهُ كَيْفَ يُظْهَرُ بِهَذَا رَحْمَتُهُ وَحِلْمُهُ عَلَى عَبْدِهِ؟"

قال: "فَلَوْ أَنَّ مَخْلُوقًا فَعَلَ بِمَخْلُوقٍ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ يَمْلِكْ قَلْبَهُ عَنْ مَحَبَّتِهِ. فَكَيْفَ لَا يُحِبُّ الْعَبْدُ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ، بِعَدَدِ الْأَنْفَاسِ، مَعَ إِسَاءَتِهِ؟! فَخَيْرُهُ إِلَيْهِ نَازِلٌ، وَشَرُّهُ إِلَيْهِ صَاعِدٌ. يَتَحَبَّبُ إِلَيْهِ بِنِعَمِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُ، وَالْعَبْدُ يَتَبَغَّضُ إِلَيْهِ بِالْمَعَاصِي وَهُوَ فَقِيرٌ إِلَيْهِ. فَلَا إِحْسَانُهُ وَبِرُّهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ يَصُدُّهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَلَا مَعْصِيَةُ الْعَبْدِ وَلُؤْمُهُ يَقْطَعُ إِحْسَانَ.. إِحْسَانَ رَبِّهِ عَنْهُ".

"فَالْأَلَامُ.. اللُّؤْمُ تَخْلِفُ الْقُلُوبَ عَنْ مَحَبَّةِ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ، وَتَعَلُّقُهَا بِمَحَبَّةِ سِوَاهُ".

وأيضًا: "فَكُلُّ مَنْ تُحِبُّ مِنَ الْخَلْقِ وَيُحِبُّكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُكَ.. يُرِيدُكَ لِنَفْسِهِ وَغَرَضِهِ مِنْكَ. وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُرِيدُكَ لَكَ، كَمَا فِي الْأَثَرِ الْإِلَهِيِّ: 'عَبْدِي، كُلٌّ يُرِيدُكَ لِنَفْسِهِ، وَأَنَا أُرِيدُكَ لَكَ'. فَكَيْفَ لَا يَسْتَحْيِي الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ رَبُّهُ لَهُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ، مَشْغُولٌ بِحُبِّ غَيْرِهِ، قَدِ اسْتَغْرَقَ قَلْبُهُ مَحَبَّةَ سِوَاهُ؟!" يعني كلام حقيقة إ جدًا جميل.

إثم في اقتباس أخير أيضًا على السريع يقول رحمه الله: يقول: "الْمَحَبَّةُ الْخَاصَّةُ -وَهِيَ الَّتِي تَشْغَلُ قَلْبَ الْمُحِبِّ وَفِكْرَهُ وَذِكْرَهُ لِمَحْبُوبِهِ- وَالْإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ فِي قَلْبِهِ مَحَبَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ، لَا يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا بِهَا، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي هَ.. فِي دَرَجَاتِ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ تَفَاوُتًا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللهُ. فَبَيْنَ مَحَبَّةِ الْخَلِيلَيْنِ" يعني إبراهيم ومحمد عليه الصلاة والسلام "وَمَحَبَّةِ غَيْرِهِمَا مَا بَيْنَهُمَا".

"فَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ الَّتِي تُلَطِّفُ الرُّوحَ، وَتُخَفِّفُ" قال: "التَّكَالِيفَ". لاحظ فوائد المحبة: "تُسَخِّي الْبَخِيلَ، وَتُشَجِّعُ الْجَبَانَ، وَتُصَفِّي الذِّهْنَ، وَتَرُوضُ النَّفْسَ، وَتُطَيِّبُ الْحَيَاةَ عَلَى الْحَقِيقَةِ" لا محبة الصور المحرمة.

لاحظ هنا يعمل لك مقارنة: "وَإِذَا بُلِيَتِ السَّرَائِرُ يَوْمَ اللِّقَاءِ، كَانَتْ سَرِيرَةُ صَاحِبِهَا مِنْ خَيْرِ سَرَائِرِ الْعِبَادِ. كَمَا قِيلَ: سَيَبْقَى لَكُمْ فِي مُضْمَرِ الْقَلْبِ وَالْحَشَا * سَرِيرَةُ حُبٍّ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ".

"وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ الَّتِي تُنَوِّرُ الْوَجْهَ، وَتَشْرَحُ الصَّدْرَ، وَتُحْيِي الْقَلْبَ".

وكذلك محبة كلام الله؛ فإنه من علامة محبة الله. هذا اختبار للإنسان قال: "وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَا عِنْدَكَ" لاحظ أسلوب الاختبار. "وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَا عِنْدَكَ وَعِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ، فَانْظُرْ إِلَى مَحَبَّةِ الْقُرْآنِ مِنْ قَلْبِكَ، وَالتَّذَاذِكَ بِسَمَاعِهِ.. بِسَمَاعِهِ أَعْظَمَ.. أَعْظَمَ مِنَ التَّذَاذِ أَصْحَابِ الْمَلَاهِي وَالْغِنَاءِ الْمُطْرِبِ بِسَمَاعِهِمْ". فأنه من المعلوم: "أَنَّ مَنْ أَحَبَّ مَحْبُوبًا، كَانَ كَلَامُهُ وَحَدِيثُهُ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَيْهِ".

وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لَوْ طَهُرَتْ.. طَهُرَتْ قُلُوبُنَا، لَمَا شَبِعْنَا مِنْ كَلَامِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى". "وَكَيْفَ يَشْبَعُ الْمُحِبُّ مِنْ كَلَامِ مَحْبُوبِهِ، وَهُوَ غَايَةُ مَطْلُوبٍ؟!"

ثم ذكر إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب أن يسمع القرآن من غيره. يعني هذه علامة محبة الله عز وجل.

جميل. جزاكم الله خير دكتور، أسأل الله أن يجعلنا من عباده المحبين.

اللهم آمين.

شكرًا لكم دكتور، وشكرًا لجميع المستمعين والمشاهدين فيكم.

تسمح لي أوجه لك سؤال قبل نهاية الحلقة، آخذ دورك؟

لا، بس لا إشكال.

من خلال اطلاعك على هذا الملف، ملف الإباحية يعني...

نعم.

كيف تجد هذه المعالجات؟ هل في تقاطعات؟ هل في.. كيف تقارنها يعني؟

إي نعم، هناك تقاطعات كبيرة في هذا الباب، خاصة في موضوع التعافي نفسه، وفي موضوع المعالجة التي قدمها ابن القيم -رحمه الله- في هذا الكتاب. في تقاطعات كثيرة يعني: ما يتعلق بأغلب ما يذكر في مدارس التعافي من الإباحية حول العالم، يعني فيها كثير من الأشياء التي تدعو إلى غض البصر، إلى إصلاح القلب، إلى مزاحمة النفس عن أي شيء يتعلق بموضوع الشهوات أو موضوع الصورة الإباحية أو نحو ذلك. ففي معالجات كثيرة تنطبق على هذا المعنى.

حقيقة اللي يذكره ابن القيم، حتى في قضية التسلسل: الصناعة الإباحية تتسلسل بالإنسان إلى إن تصل به إلى مسألة فظيعة جدًا من ارتكاب المحرمات وكذا، والتي عينها التي ذكرها ابن القيم. فهذا التقاطع يعني موجود ويشملها جميعًا.

طيب، هذا التقاطع كيف المفارقة يعني والفرق: نوعية الصور مثلاً، ونوعية الصناعة الإباحية اللي موجودة الآن ما كانت موجودة في السابق. فربما تكون لها آثار زائدة على هذا القدر. أنا أقصد من جهة المعالجة، معالجته يعني هل هي تغني عنها مثلاً المعالجات المطروحة في ال في الأدبيات المعاصرة اللي تتعلق بالتعاون؟

نعم، هناك أشياء قد يشملها كلام ابن القيم -رحمه الله- مثل الاشتغال بالأشياء الدنيوية، تنظم تحتها كثير من هذه الأشياء. لكن طبعًا أظن الأشياء الأخروية ما هي موجودة.

طبعًا، إي، ف فتجتمع في هذا الكلام كل...

إي، فإذا في قدر في قدر كبير زائد.

إي نعم.

وبعدين التزاحم هذا فرق بين التزاحم بأمر دنيوي، بين المحبوب الأعلى والكلام اللي ذكره يعني. أحسنتم به.

آمين يا رب العالمين. جزاكم الله خير دكتور.

الله يبارك فيك. وهذا السؤال مباغت يعني.

الله ييك... أنت أهل لذلك.

يسعدكم الله يا دكتور، وشكرًا لكل المستمعين والمشاهدين، ونراكم على خير -بإذن الله- في حلقة بودكاست أخرى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال